Al Jazirah NewsPaper Wednesday  06/01/2010 G Issue 13614
الاربعاء 20 محرم 1431   العدد  13614
 
يُمهلُ.. ولا يُهمل
سعد البواردي

 

أقول لهذه الغدة السرطانية الشيطانية الاستيطانية التي زرعها الاستعمار في جسدنا العربي على غفلة من الزمن.. أقول لها: أمعني كما شئت احتلالاً وقتلاً وجرحاً وتكسيراً للعظام وتشريداً وخطفاً وسجناً وقرصنةً واجتثاثاً للأشجار وتسميماً للآبار واستخداماً للأسلحة المحرَّمة دولياً وهدماً للبيوت وتدميراً للمساجد والمدارس والمستشفيات والجامعات وعربات الإسعاف ومصادرة الأراضي وبناء الأسوار العنصرية وإشادة المستعمرات والمتاجرة في أعضاء الضحايا على مشهد ومسمع من العالم دون حراك.

أقول لها: وقد بلغ السيل الزبى.. وضاقت الأرض بما رحبت.. وبلغت الروح الحلقوم: إن لكل ظالم نهاية.. ولكل قادر آية.. إنه يمهل ولا يهمل..

أقول لها.. وعلى يقين من قولي: إن الجسد العربي وإن طال به السقم.. وإن أعياه الوهن والألم لسوف ينتفض وينتصر على جراحه.. هكذا عِبر التاريخ علّمتنا أن لقوة الحق الغلبة على حق القوة مهما استشرت تلك القوة وتمادت في طغيانها وشراستها.. مدعومة بأعداء الحياة.. وأدعياء الحرية..

كان لنسور الفاشية ريش حلّقت به ردهة من زمن وسقطت..

وكان لنمور النازية أنياب حادة واقتلعت..

وكان لصقور الشيوعية مخالب وانتهت إلى وهن..

حتى طيور الرأسمالية المتوحشة بمادياتها المفترسة التي لا تبصر إلا مصالحها وأطماعها دون حساب لحق غيرها في الحرية والحياة لن تدوم طويلاً.. سينخرها الضعف من داخلها وتسقط مثل كل الكيانات الكبيرة.. والإمبراطوريات الكثيرة التي حدثنا التاريخ عنها منذ أن عاثت في الأرض ظلماً وفساداً.. البقاء دائماً للأصلح..

أقول لهذه الغدة العنصرية الصهيونية الدخيلة على جسدنا وقد أسكرتها القوة.. وأسندتها مصالح الغرباء الأقوياء.. الضعفاء في إنسانيتهم.. لن يصح إلا الصحيح طال الزمن أو قصر.

ما يجري من مآس ونكبات ليس نهاية التاريخ.. التاريخ متجدّد بأحداثه وحوادثه.. متجذّر بعظاته ودروسه..

ما طار يطير وارتفع إلا كما طار وقع

قد لا نرى سقوط الطير فيما تبقى لنا من حياة.. قد لا يرى مشهد السقوط أيضاً أولادنا.. أحفادنا هم الأحياء الشهود على المشهد.. إحساس إيماني يقيني ألمسه وأحسه في دواخلي يؤذن بفجر جديد للحياة لا عبودية فيه..

منطق التاريخ له أكثر من خطاب.. فيه الخطب الذي يُفزع وينتهي إلى ذكريات سوداوية تشوّه صفحاته.. وفيه الخطاب الحياتي الذي يُمرع ويخصب ويجدد دورة الزمن كما يجب أن تكون.. لأنه نتاج جهد وإجهاد وجهاد..

الإنسان بحيويته وطاقته وقدرته على الصنع هو ذلك الكائن المنتظر الذي سيكتب أدبيات الحياة من جديد دون غِدد طارئة.. لأنه يتملك قدرة استئصالها كي يبقى الجسد سليماً معافى.. ولو لفترة زمنية قابلة للتغيير.. الحياة متغيِّرات.. وأيضاً مواجهات ومفاجآت.. فيها ما نرغب.. وفيها أيضاً ما نرهب. وبين الرغبة والرهبة تدق أجراس اليقظة مع كل نقلة تاريخية متجددة.

الرياض ص. ب 231185 الرمز11321 فاكس: 2053338



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد