Al Jazirah NewsPaper Wednesday  06/01/2010 G Issue 13614
الاربعاء 20 محرم 1431   العدد  13614
 
ايقاعات
فليت الذي بيني وبينك عامر
تركي العسيري

 

لست أدري ما إذا كان لزاماً على المثقف السعودي أن يثبت لشريحة من الناس، مدى تقواه وتدينه وورعه، وأن يبرز شهادة حسن سيرته وسلوكه ليلقى القبول والصفح عن توجهاته الفكرية. هذه الإشكالية لا تحدث إلا في مجتمعنا؛ مجتمع يتباهى بالتسامح والوسطية وقبول الآخر.. في الوقت الذي لا يتورع عن محاكمة لنوايا الكتاب، والتعرض لحياتهم الخاصة. وأجزم أن العلاقة بين العبد وربه علاقة خاصة، تخص الإنسان وحده، ولا دخل للآخرين في معرفة تلك العلاقة القائمة بين الخالق والمخلوق، بين العابد والمعبود، فالله وحده المختص بمعرفة نوايا خلقه، فهو سبحانه (علام الغيوب) ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور).

وأزعم أنه ليس من مهمة المثقف أو المفكر أن يبرز شهادة تثبت تدينه لكل من نال منه، وشكك في توجهاته الفكرية وسأضرب مثلاً بالدكتور عبدالله الغذامي الذي لاقى ما لاقاه، من تيار مخالف له فكرياً بوصفه رمزاً من رموز (الحداثة)، ولم تنفع صرخات البراءة التي يطلقها بين حين وآخر، وأنه تجاوز هذه المرحلة إلى (ما بعد الحداثة)، وهو ما دفع بصديقنا الدكتور (إبراهيم التركي) في مقال له بجريدة الجزيرة ليشير إلى تدين الدكتور الغذامي، وهو الأمر الذي أزعجني، فالعلاقة الثنائية القائمة بين العبد وربه، مسألة ذاتية تخص الإنسان وحده ولا دخل للآخرين في معرفتها وإصدار صك براءة لصاحبها.

ويظهر لي - والله أعلم - أن (السهام) قد أتعبت مفكرنا الخلوق على مدى ثلاثين عاماً.. خاصة وقد حُمّل تبعات (الحداثة) وما أفرزته من جلبة فكرية بين تيارين، فلجأ من خلال الحوارات التي أجريت معه إلى لغة التهدئة، وعبارات التوافق. وفي يقيني أن أستاذنا (الغذامي) وكذلك رفيقه الدكتور (سعيد السريحي) لم يكونا رمزي الحداثة التي عشنا صراعها؛ هما داعمان أساسيان لهذا التيار أكثر من كونهما (لاعبين أساسيين)، إذ إنني أعتقد أن الشاعرين (محمد العلي) و(محمد الثبيتي) - شافاه الله - هما فرسا الرهان الحقيقي للحداثة السعودية، فقد حولا المقولات التنظيرية إلى أعمال إبداعية تترجم هذا التوجه.

الذي يعنيني هنا هو تأكيد ما قلته قبلاً: إن مسألة العلاقة بين الإنسان وخالقه مسألة خاصة ولا دخل للآخرين فيها، فالرب وحده هو (المطلع) وإليه المؤول، وهو الحكم الفصل في صدق إيمان العبد..

(فليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب)!!

ALASSERY@HOTMAIL.COM



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد