«وزائرتي...» عافت كل شيء ونزلت في عظامي، ساكنة تتمطى، وقتما تشاء تتسلّل لرأسي فتطوح بأفكاري، وثانية بأطرافي فتهرب عن السطوح الثلجية من حولي، وشبح الخنازير يراود مخيلتي غير أنها زائرة تختلف في سماتها وصفاتها، تأبى إلا التمركز في رأسي...

ولقد كثرت علينا الموهمات، ولم تجد فينا تراكمية المعلومات، فالطب يتقدم بقدم، ويتأخر بفوهة إشاعات، والعاقل والمجنون سيان، والجاهل والعارف يتناظران، والصادق والكاذب يتقاطعان، وعقل الإنسان موجات وموجات كأنها شحنات من نار أو شلالات من ومض، من يدّعي نزاهة الانحياز لخبرة المختبرات يأتي بعد تلك الزحمة من اليقين في صدره لينقض ما قال، فتارة يبشّر الناس بالنجاة وأخرى يحذّرهم من الوقوع.., فبراثن الأمراض تشحذ ضروسها وساحات الإبداع خوت من نوابغها، فلا من يتغزّل بحمى تزوره، ولا من يستملح مع بعوضة لا تحلو لها أيكة غير أرنبة أنف مصلٍّ،..

زائرتي، ثقيلة «مصقولة عوارضها تمشي في دمي كما يمشي الوجي الوحل»..

غير أنني نفذت منها ببسمة حانية، كشحتها برداً عليها إباء، فهربت ليراعي، ولجأت إليكم أتسلّل لواذاً خارج سوارها،..لم يكن بي لها من غرام، غير أنها أفسحت لي مضمار الأسئلة، وجدلية الحوار بين نطاسي يستقرئ.., وحمى تتمطى وترخي بساطها..