بالأمس وحينما فرغت من قراءة كل صحفنا المحلية والتي ب(الكاد) لا تخلو واحدة منها من موضوع عن الفساد بكل ما تحمل هذه الكلمة من مدلولات صغيرة أو كبيرة بل (ومتوسطة أحياناً!!)، أقول حينما سئمت من هذه المفردة (المقززة) رحت أسأل نفسي بنفسي.. هل يا تُرى يأتي اليوم الذي بمقدور أي مواطن أن (يشلّ) أو (يشيل) هاتفه النقال ويمسكه (بصدغه وكتفه) نظراً لانشغال يده بمقود السيارة وهو (يدعس) بالسرعة القصوى في شوارع البلد وقد أخذ منه (الحنق) كل مأخذ بعد مراجعة صغيرة مع إحدى الدوائر الرسمية أو شبه الرسمية أو ما أشبه ذلك!! ثم يرفع صوته صاهلاً: (آلو المباحث الإدارية؟!).. هنالك (فاسد) في الدائرة الفلانية تعالوا اقبضوا عليه(!!). أقول.. إن هذا التصور الكاريكاتيري الذي رسمته بريشة (الخيال) قد استلهمته من كتابات الزملاء التي لا تقل (فيضاناً) عن (فيضانات) جدة والتي انجلت عن هذه المفردة السوداء (الفساد). والفساد في لسان العرب مصدر (فَسَدَ) تعني نقيض الصلاح. ونضيف إليه.. والإصلاح أيضاً. وهما الصفتان اللتان أطلقهما الناس في بلادنا على خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- حينما أسموه (ملك الصلاح والإصلاح) والذي هو أول من يكافح الفساد أينما وجد.
والفساد -بالمناسبة- لا يشمل الفساد الإداري والمالي فحسب، بل هو يتعدى ذلك إلى الفساد بشتى أنواعه، ومنه فساد الذمة، وفساد الخُلق وفساد الضمير. فالمتصل الذي نوهنا عنه في مطلع المقالة والذي يصهل بالهاتف النقال ليدل المباحث عن (فاسد) إداري ما، قد يكون هو (فاسد) أيضاً، ولكنه (فاسد ذمة) و(فاسد خُلق) و(فاسد ضمير)، أي أنه (ثلاثي الفساد) بينما الموظف الإداري هو فاسد (أحادي) فقط!!
وهنا يستوجب استئصال ذي (الفساد الثلاثي) قبل ذي (الفساد الأحادي) عدلاً.
وكذلك أيضاً هنالك فاسد اجتماعي، وفاسد فكري، وفاسد أيدلوجي، وفاسد ذوقي، أي يُفسد أذواق الناس من خلال تقديم أي فن فاسد لا يسمو بالذائقة إلى الرقي المنشود، ومن ذلك (أنواع) من الكتاب الذين يفسدون أذواق القراء ب(فاسد الكلام) والذين نأمل أن لا نكون منهم(!!).
أخيراً.. لا نستطيع إلا أن نقول: اللهم احم هذه البلاد والعباد من شر الفساد و(الحُسَّاد) أيضاً.