Al Jazirah NewsPaper Tuesday  05/01/2010 G Issue 13613
الثلاثاء 19 محرم 1431   العدد  13613
 
ببساطة وبمباركة غياب البلديات والجوازات
عاملات منازل يسابقن المواطنات على «البسطات»

 

تحقيق - منيرة المشخص:

التحديات والصعوبات التي تواجه البائعات السعوديات في الأسواق الشعبية (البسطات) لا تتمثَّل فقط في طبيعة مكان بيعهن أو تعقيدات مراقبي البلديات في أحيان.. بل تجاوزت هذه المرة إلى تحدٍ أكبر يتمثَّل في محاولة (الوافدات) سحب البساط من تحت أرجل الموطنات وقطع رزقهن في مهنة تُعد الأبرز بين مهن السعوديات.

(الجزيرة) دخلت إلى دهاليز المصاعب التي تواجه المواطنات من الغزو الكبير من الأجنبيات.. وكان هذا التحقيق:

تصوُّر قبل التحقيق

المحررة: لم يكن يدور في خلدي.. وأنا أتجول في عدد من أسواق العاصمة أن الصورة التي نُقلت لي عن سيطرة العمالة الوافدة للأسواق النسائية (البسطات) أقل مما شاهدته.. ففي أحد الأسواق الشعبية في حي العريجاء واجهتني مناظر تثبت سيطرة هؤلاء الوافدات على مصدر رزق العشرات من السيدات السعوديات اللاتي يغلب عليهن (كبر السن).. حيث أفصحن إلى جانب ما شاهدناه عن غياب مفتشي البلدية والجوازات.. الأمر الذي أوجد بيئة تنتعش بقطع أرزاق السعوديات.

من الداخل..!

الأعين الضيقة التي تتخفى خلف البراقع واللغة العربية المكسرة هي من يكشف حجم سيطرة الأجنبيات اللاتي يغلب عليهن الجنسية الآسيوية حيث تعج معظم الأسواق بهن وبخاصة سوق النساء بالعريجاء وداخل سوق حجاب شرق العاصمة. الكثير من البائعات الأجنبيات تهربن ورفضن التحدث.. واعتقد بعضهن في البداية أن من يطلب منهن التحدث مندوبة (البلدية) وليست مندوبة (الجزيرة)..

وجودنا لمساعدة كفيلاتنا كبيرات السن

تقول (مالوينا) كما أسمت نفسها إنها تعمل في المحل منذ سبع سنوات.. وهي في الأصل تعمل عاملة منزلية لدى صاحبة المحل.. وتأتي لمساعدتها في أغلب الأوقات.. وعندما سألتها عن صاحبة المحل ذكرت أن يوم الجمعة هو إجازتها.. لكن جارات العاملة من السعوديات نفين ذلك.. وذكرن أنها دائماً ما تبيع بالمحل!.. وفي محل قريب التقينا صاحبة محل سعودية كانت موجودة وترافقها مساعدتها من الجنسية الإندونيسية.. وقالت إن العاملة متواجدة فقط لمساعدتها في التنظيف وحمل البضاعة من وإلى المحل.. وأثناء التجول لُوحظ أن العاملة تقوم بالبيع وتقبض مبالغ من المتسوقات مما يؤكد أنها تعمل في السوق وتزاحم السعوديات!.

أما (سيما) عاملة من الجنسية السيرلانكية ولُوحظ أنها تتقن بشكل واضح اللهجة السعودية.. حيث ذكرت أنها تعمل في المحل منذ 15 عاماً.. وقالت بأنها من أوائل اللواتي عملن في السوق لدرجة أنها أصبحت محل ثقة لدى صاحبة المحل فاعتادت على الحضور بمفردها والقيام بعملية البيع والشراء.. ونفت سيما أن تكون السعوديات متضايقات من تواجدهن في بيع البسطة.. وحول ما إذا كانت تحمل إقامة ذكرت بأنها نظامية وجاءت على فيزا (عاملة منزلية) ولا تعلم (سيما) عن نظامية بقية العاملات الأجنبيات.

نخلة عوجا..!!

معظم محاولات اللقاء مع الأجنبيات باءت بالفشل والكثير رفضن بحجة انشغالهن بالعمل لننتقل إلى سوق آخر حيث التقينا المواطنة أم خالد التي ذكرت أنها تعاني هي ورفيقاتها من مضايقة الأجنبيات وتفضيل كثير من المتسوقات السعوديات لهن..

وأضافت: كما أننا نعاني من باعة الجملة الذين يأتون بالبضائع من أسواق البطحاء حيث يفضلون التعامل مع البائعات الأجنبيات ولا يتعاملون معنا مما يكبدنا عناء الذهاب لسوق البطحاء وغيره من أسواق الجملة.. وتطالب أم خالد بضرورة تدخل الجهات المعنية ومخالفة كل من يعمل من دون ترخيص أو مخالف لأنظمة الإقامة والعمل..

أما أم سعود فتذكر أن هناك بالفعل عاملات ولكن وجودهن لكي يساعدن البائعات واللاتي أكثرهن كبيرات في السن وبحاجة لمن يساعدهن في تنظيف المحل وحمل البضاعة وترتيبها.. وتقول أم راشد من جهتها: لا أرى أي خطأ في عمل الأجنبيات بالسوق إلا إذا كانت تعمل لصالحها وحدها وليس لمخدومتها ما دمن أيضاً يحملن إقامة نظامية وتضيف.. البائعات السعوديات عادة يعملن طوال الأسبوع ولن يضر لو أن العاملة تحضر يوم الجمعة بدل مخدومتها إذ إن الجمعة يوم إجازة معظم النساء لكي يجتمعن مع عوائلهن.. واستدركت أم راشد أثناء حديثها بقولها: لكن هناك مضايقات نتعرض لها كصاحبات بسطة كتفضيل الباعة الأجانب للأجنبيات وبنات جنسهم بدلاً من السعوديات.. وأيضاً بيع الرجال وأصحاب المحلات الرجالية لبضائع تتشابه مع ما نقوم ببيعه لدرجة أنهم يقومون ببيع الملابس النسائية الخاصة وتساءلت: كيف سيبيعونها والنساء لا يدخلن إلى قسم الرجال؟.

هموم يفاقمها مراقبو البلدية!

وفي أحد الأسواق التجارية المشهورة بحي السويدي لُوحظ تواجد عدد قليل من البائعات المقيمات بعكس الأسواق الأخرى والغالبية لسعوديات كبيرات في السن اتخذت كل منهن مكانها أمام بسطتها.. وتحدثت في البداية أم محمد (أربعينية) تجلس أمام بسطتها المتعددة الأنواع ويقف إلى جانبها عامل آسيوي تقول إنه يساعدها في حمل أغراضها وتذكر أنها اضطرت للبيع حتى تنفق على أبنائها الأيتام..

أم محمد تواجه صعوبات من بينها (البلدية) التي ترفض أن يقوم بمساعدتها العمالة الموجودة في السوق وتقول إنه السبب في لجوء كثير من البائعات للاستعانة بعاملات المنازل لمساعدتهن.. وتمنت أم محمد أن تزول كثير من المضايقات التي تواجه البائعات.. أما السيدة أم سعد من أوائل البائعات في السوق فتذكر أن العاملات الأجنبيات وجدن لمساعدة السيدات الكبيرات واستبعدت أنهن يعملن لصالحهن..

بينما تذكر أم فهد (كبيرة في السن) والتي تملك عاملة تساعدها في محلها أنها لجأت لعاملتها حيث يرفض العاملون بالسوق مساعدتهن بحجة الخوف من البلدية والجوازات.. وشاركتها بالحديث أم قحطان والتي كانت منفعلة حيث أكدت أن أغلب البائعات المقيمات لا يحملن إقامة نظامية وطالبت بمتابعتهن ومعاقبة كل من يثبت مخالفتها للنظام وتمنت أم قحطان بإيجاد حل جذري لمضايقة الأجنبيات لهن.. وقالت: كثير من الصحفيات جئن لنا وشرحن لهن مشاكلنا مع الوافدات إلا أن المسئولين في الأمانة والجوازات لا يتدخلون..

معركة تقرير المصير!

وفي سوق آخر تمنت إحدى البائعات أن (الجزيرة) وصلت مبكراً لتشاهد العراك الذي جرى بين سعوديات ومقيمات والذي نشب بسبب كثرة احتلال الأجنبيات للأماكن بالسوق وبخاصة الأماكن المهمة وبينت أنه لولا تدخل الأمن لتحول السوق كله إلى ساحة قتال..

واتجهنا إلى سيدة كانت طرفاً في المشاجرة وتحدثت لنا سريعاً وبغضب وطالبت بتدخل سريع للبلدية وبخاصة المراقبين وتكثيف الجهود لمنع السيطرة الأجنبية على سوق النساء وقالت بنبرة حادة يغلبها الحزن: للأسف لا نجد جهوداً للبلدية ومراقبيها إلا بمضايقتنا ومصادرة بضاعتنا لكن أن تمنع تواجد غير سعوديين فهذا لا نجده إطلاقاً!..

وتذكر أم حميدان أن المقيمات زاحمنها وبقية البائعات السعوديات وتقول: كما تعلمين أن المقيمين يساندون بعضهم البعض في كل شيء فعندما تأتي المقيمات إلى السوق ويجدن واحدة من بنات جلدتهن تعمل بائعة فمن المؤكد سيتجهن إليها خصوصاً أنهن يجدن أسعارها مناسبة والغريب أن نفس البائعات يبعن البضاعة ذاتها إلى السعوديات بأسعار مرتفعة!..

السعوديات أفضل

توجهنا بعد ذلك للمتسوقات حيث اتفق كثير منهن أن البائعات السعوديات أكثر رقياً ولطافة في الحديث.. وتقول أم مهند إن البائعة السعودية وبخاصة بائعة البسطة تستقبل الزبونة بالترحيب الحار وتعرض بضاعتها بشكل تجعل المتسوقة تشتري أكثر من حاجتها وأضافت: بالنسبة لغير السعوديات فمع احترامي الشديد لهن لا أفكر في التوجه لهن لأنهن يزاحمن بنات البلد فلماذا أساعدها على ذلك؟.

وتتفق فاطمة الغامدي مع أم مهند وتقول: يكفي أن البائعة السعودية تردد كلمة «يا أمي أو يا أختي» فأشعر براحة وحميمية.. كذلك المال الذي سأدفعه لها لن يخرج خارج البلد.. بل ستكون هناك عملية تدوير له.

تنظيم جديد للأسواق..

والعمل (تتملص)!

في نهاية الجولة التقينا رئيسة الوحدة النسائية بأمانة منطقة الرياض الدكتورة ليلى الهلالي وعرضنا عليها نتائج الجولة على الأسواق النسائية وبعض الاستفسارات التي كانت من صميم أسئلة كثير من البائعات حيث أجابت الهلالي بإجابة مختصرة ذكرت خلالها (أن الأمانة ممثلة في الوحدة النسائية بصدد تنظيم إجراء تنظيمي ينظم عملية بيع البسطات وسيصدر لاحقاً)..

بعدها اتصلنا بحطاب الحطاب مدير العلاقات والإعلام بوزارة العمل.. وأوضح أن الأنشطة غير النظامية لا علاقة لوزارة العمل بها.. بل هناك جهات أخرى هي من لها تلك العلاقة.. والوزارة مختصة بالأنشطة النظامية مثل الشركات والمؤسسات.. وأضاف الحطاب: فيما يتعلق بعمل أي مقيم في غير المهن التي جُلب لها سواء أكان عاملاً أو عاملة منزلية وغير ذلك من المهن، فيُعتبر ذلك مخالفاً لأنظمة العمل.






 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد