Al Jazirah NewsPaper Tuesday  05/01/2010 G Issue 13613
الثلاثاء 19 محرم 1431   العدد  13613
 
أزمة جدة ونموذج الهيئة الملكية للجبيل وينبع
فضل بن سعد البوعينين

 

المشروعات التنموية «الضائعة»، وسيول جدة «الجارفة» تقودنا إلى البحث عن مقومات نجاح الهيئة الملكية للجبيل وينبع، وكفاءتها في تعاملها مع مشروعات البنية التحتية، وإدارتها المشروعات التنموية الضخمة التي تفوق في حجمها ما تقوم به بعض الإدارات الخدمية الحكومية المتخصصة، للاستفادة من تجارب النجاح.. تُرى ما الذي يُميز أداء الهيئة وإنتاجيتها مقارنة بباقي الهيئات والإدارات الحكومية؟.. أعتقد أن الاستقلالية المنضبطة، التخطيط الشامل، الكفاءة الإدارية، الرقابة الصارمة، الاستعانة بالخبرات الأجنبية، والإخلاص في العمل هو ما يميز أداء الهيئة ويضمن لها، بعد الله، جودة المخرجات التنموية.

الشهادات الدولية أنصفت الهيئة الملكية في حسن إدارتها المدينة الصناعية الأولى في المملكة، ومكَّنتها من تسلُّم المراكز الأُول في تصنيفات المدن، والمشروعات الضخمة.. ما قامت به الهيئة الملكية للجبيل وينبع في مدينة الجبيل الصناعية جعلها تتقدم المؤسسات الحكومية كفاءة ومقدرة في استيعاب الكم الأكبر من مشروعات التنمية مع ضمان جودة المخرجات.. لا مجال للخطأ، فالقوانين الواضحة، والرقابة الصارمة وتكلفة التقاعس الباهظة، ضمنت النجاح للوطن قبل العاملين فيها. للهيئة الملكية أسلوب إداري يجمع بين الانضباطية والكفاءة والتخطيط الشامل والاعتماد على الدراسات العلمية والاستشارات الخاصة العالمية.

مليارات الصرف الصحي التي أُنفقت في بعض مدن المملكة، ومنها جدة التي حظيت بأكبر ميزانية للصرف الصحي في المملكة باعتمادات مالية زادت عن 9 مليارات ريال، لم تنجح في توفير الخدمات المناسبة، والحماية للمواطنين.. على العكس من ذلك فكل ريال أنفقته الدولة في الجبيل الصناعية حقق حتى الآن جودة خدمية عالية، إضافة إلى ما حققه، ويحققه من عوائد استثمارية من خلال تجهيز البنية التحتية للمنطقة الصناعية، إذاً نحن نتحدث عن إنفاق استثماري أكثر منه إنفاقاً تنموياً، ومع ذلك يحقق إنفاق الحكومة على مشروعات الجبيل الصناعية الحسنيين (التنمية والاستثمار) في الوقت الذي تعجز فيه نفقات البنية التحتية، في معظم المدن الأخرى، عن تحقيق الحد الأدنى من الكفاءة في الجودة، وكفاية مشروعات البنية التحتية الأساسية!.

تبحث الدول المتقدمة عن نماذج متطورة لمحاكاتها واقتباس خطط النجاح منها، ونحن في المملكة لا تنقصنا نماذج النجاح طالما أن لدينا المنشأة الحكومية الضخمة، والمدينة الصناعية الفتية متكاملة الخدمات.. كل ما نحتاجه أن تطبق فكرة الهيئة الملكية للجبيل وينبع على جميع مناطق المملكة.. لماذا لا تتحول أمانات المناطق والمدن إلى نموذج مشابه «للهيئة الملكية للجبيل وينبع» في تخطيطها وإدارتها و تنفيذها للمشروعات التنموية؟

الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية بالجبيل الدكتور مصلح بن حامد العتيبي قال بأن الهيئة الملكية للجبيل وينبع باتت منشأة متميزة بقدراتها الفائقة، ومشروعاتها المنفتحة، وكفاءتها في خدمة المجتمع.. الدكتور المصلح يعتقد بأن الهيئة الملكية ما هي إلا جزء من مؤسسات الدولة الهادفة إلى تحقيق تطلعات ولاة الأمر، والساعية في تحقيق التكامل بينها وبين المؤسسات والوزارات الأخرى، وأكد على أهمية التعاون وتعزيزه للنهوض بالتنمية الاقتصادية في المنطقة، وهي دعوة مباشرة لتبادل الخبرات والمشاركة في الاستفادة من خطط النجاح.. استوقفتني كلمات الدكتور المصلح عن أهمية التكامل بين المؤسسات الحكومية، وبسط يد الهيئة الملكية لتحقيق التعاون الأمثل مع الإدارات والمؤسسات الحكومية الأخرى لمصلحة الوطن، وتمنيت أن يوفق في إصلاح قنوات الوصل بين الهيئة الملكية ومدينة الجبيل، وأن يسعى بكل ما أُوتي من قوة إلى تحقيق التكامل الأمثل، والدمج الخدمي المستحق بين المدينتين المتلاصقتين، الجبيل الصناعية ومدينة الجبيل، لتُصبحا مدينة واحدة تحت مسمى مدينة الجبيل.. قد يحتاج أمر الدمج والإشراف الكلي إلى قرارات عليا أسوة بمنطقة الزور الصناعية، وهو ما يتطلع له الجميع، إلا أن أمر المشاركة الفاعلة والتكامل بين المدينتين يمكن تحقيقه بسهولة على أرض الواقع.. يد الدكتور المصلح الممدودة، وفكره الأكاديمي المنفتح، وتطلعه للمساهمة في نقل تجارب النجاح إلى الهيئات الحكومية الأخرى يحتاج إلى أن يقابلها أيادٍ وعقول منفتحة في الإدارات الحكومية الخدمية في الجبيل، والأمانة والوزارات ذات العلاقة. الهيئة الملكية للجبيل وينبع، احتفت بإطلاق إستراتيجيتها الجديدة التي كان من المنتظر أن يُضمن فيها مستقبل «مدينة الجبيل» ومشروع «الاندماج» أسوة بمنطقة «رأس الزور»!.. ما زال في الوقت متسع، وإستراتيجية العقود القادمة يمكنها استيعاب مشروع «الاندماج» بكل يسر وسهولة، وبما يحقق المصلحة الوطنية.. كل تأجيل لعملية التكامل والاندماج بين المدينتين يضر بالمصلحة الوطنية ويخلف أضراراً لا حصر لها على الجانبين التنموي، والاجتماعي.. فاتساع هوة الفوارق التنموية بين المدينتين قد يفسر مستقبلاً على أنه تهاون في إعطاء الحقوق، أو ربما نوع من أنواع التفرقة والتمييز بين مكونات المجتمع الواحد المنضوي تحت مظلة «محافظة الجبيل».. أعتقد أن أمام الهيئة الملكية للجبيل وينبع ملف «التكامل والاندماج» بين المدينتين المتلاصقتين، وهو الملف الأبرز الذي يحتاج التعامل معه إلى قرارات عليا تدعم إستراتيجية الدمج والتكامل لتحقيق مصلحة البلاد والعباد.. والله المستعان، والهادي إلى سواء السبيل.

F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد