Al Jazirah NewsPaper Tuesday  05/01/2010 G Issue 13613
الثلاثاء 19 محرم 1431   العدد  13613
 
المنشود
هروب الخدم، والفتاوى!!
رقية سليمان الهويريني

 

تقع بعض الدوائر الحكومية والمؤسسات في ورطة أمام كل قرار يحتاج للمشاركة والتفعيل الاجتماعي، لدرجة أن تستنفر المشايخ ليصدروا فتوى لكبح جماح الناس وردعهم عن استمراء الخطأ والانسياق فيه.

حصل ذلك إبان عجز المرور عن السيطرة على سلوك السائقين وقطعهم الإشارة الحمراء وتجاوزها بسلام أو بدونه! وآنذاك استعان المرور بذكاء بالمفتي لإصدار فتوى تحرم قطع الإشارة. برغم استطاعتهم تفعيل قانون العقوبات بالغرامات والسجن والجلد إلا أنهم بحثوا عن الطريقة الأسهل والأكثر نفوذا، فاستعانوا بالفتاوى.

وكنت قد ناقشت صديقتي الحبيبة وأبديت لها رغبتي في طرح اقتراح إصدار فتوى تحرم تشغيل عاملات المنازل والسائقين الهاربين، فرمقتني بنظرة حادة تنم عن استغرابها اقتراحي، بحسب وجهة نظرها أن الفتاوى لا تكون لهذه الأمور! وبرغم قناعتي بقوة نفوذ الفتوى وتأثيرها على الناس إلا أنني أقلعت عن الفكرة بتاتا، بيد أنها ظلت تعيش في داخلي بعد أن ازدادت وتيرة الهرب وعلا صوت الناس المتضررين من هذه الظاهرة حتى شكا منها أحد أصحاب مكاتب الاستقدام.

وسعدت حقا بإطلاق الشيخ عبد المحسن العبيكان، المستشار في الديوان الملكي، فتوى شرعية تحرم تشغيل الأسر للخادمات الهاربات، بحسب تقرير نشرته صحيفة الرياض الأربعاء 2-12-2009م قال فيه الشيخ العبيكان (إن تشغيل الأسر للخادمات الهاربات لا يجوز شرعاً، وممنوع نظاماً، والخادمة الهاربة حق لصاحب التأشيرة). وأكد الشيخ أن تشغيل الخادمات الهاربات فيه تعدٍ على حقوق الغير، ويعتبر بمثابة تشجيع على الهروب والتمرد على أصحاب التأشيرات.

وتأتي الفتوى بعد تزايد حجم الطلب من قبل الأسر الراغبة في تشغيل عاملات هاربات، ولذا ارتفعت أجور العاملات المخالفات لنظام الإقامة ارتفاعاً ملحوظاً. وأصبحت الحاجة ملحة لاستصدار فتوى؛ نظرا لغياب الأنظمة التام وعدم وجود حلول حازمة توقف حركة السماسرة بالسوق السوداء الذين نشط عملهم وأصبحوا يشتغلون لحسابهم الخاص عن طريق نشر إعلانات بالصحف وعلى جدران المحلات متضمنة أرقام الجوالات لتأمين عاملات منزليات بالأجر اليومي والشهري بناء على طلب الأسر، وفي أوقات قياسية، مقابل أجور شهرية مرتفعة وأسعار خيالية تصل إلى 100% من الأجور التي تتقاضاها الخادمات النظاميات. وتتضاعف في المواسم كشهر رمضان والأعياد.

ويواجه الراغبون في استقدام عاملة منزلية إجراءات طويلة فضلا عن ارتفاع أجور استقدام الأيدي العاملة، إضافة إلى تأخر وصولها عن الفترة التي تحددها تلك المكاتب، وهو الأمر الذي يشجع الأسر على تشغيل الخادمات الهاربات خلال فترة انتظار العاملة المنزلية النظامية والتي قد تستمر فترة انتظارها عدة أشهر، وبرغم وعد المكاتب بأن لا تتعدى فترة الاستقدام ستين يوما إلا أنها لا توفي بوعدها، ناهيك عن أن الجوازات لا تمكّن المواطن من الاستقدام إلا بعد تسجيل حالة الهروب أو القبض عليه مخالفا وتسليم جواز السفر، وبعدها ينتظر المواطن ثلاثة شهور ليتسنى له استقدام البديل، وبسبب ذلك يضطر للاستعانة بالعاملات الهاربات والمغرر بهن.

ومازال الأمل معقودا بهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والشرطة والجوازات للقيام بحملات استباقية مفاجئة وتفتيش غرف السائقين الملحقة بمساكن الكفلاء أو الموجودة بالمجمعات وفوق سطوح المنازل، والقيام بتوزيع منشورات توعوية لتنبيه العمالة الوافدة من مغبة القيام بما يخالف أنظمة البلد كتهريب العمالة من كفلائها وتأجيرها، أو تصنيع الخمور، أو نسخ الأفلام المخلة بالآداب. حيث أن القبض عليهم بعد حصول المحذور يؤدي لسجنهم وتسفيرهم، وفي ذلك خسارة على الكفيل الذي لا يُعفى أيضا من مراقبة سائقه وتجنب ترك مفاتيح السيارة معه. ويفضل إيقاف السيارات داخل المنازل تحسبا لاستخدامها في الليل لأغراض مشبوهة أو أعمال مريبة. مع يقيننا أن وجود هؤلاء العمالة الرخيصة عبء على الوطن وبلاء على المواطن!

www.rogaia.net


rogaia143@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد