Al Jazirah NewsPaper Sunday  03/01/2010 G Issue 13611
الأحد 17 محرم 1431   العدد  13611
 
فيما كان 2009 عاماً للمفاجآت في أسواق السلع
توقعات باستمرار تألق الذهب في 2010 والنفط في اختبار جديد عقب رحلة التعافي

 

الجزيرة- عبدالعزيز العنقري:

يترقب الاقتصاديون والمراقبون لأسواق السلع ما ستؤول إليه الأحداث خلال 2010 بعد أن شهد عام 2009 مهرجانا حافلا بالمفاجآت، وبرز الذهب كنجم أوحد فيها محققا أرقاما تاريخية غير مسبوقة، فيما شهد النفط بداية رحلة التعافي.ويرى محللون في أسواق النفط أن أوبك قد يتعين عليها الاقتراب من مستويات الإنتاج المستهدفة إن أرادت إبقاء الأسعار فوق 70 دولارا للبرميل خلال 2010 وتواجه أوبك معركة صعبة لتحسين التزام أعضائها بالإبقاء على مستويات الإنتاج المستهدفة دون تغيير بهدف خفض مخزونات النفط العالمية الضخمة، حيث أدى تراجع الالتزام بحصص الإنتاج إلى رفع المخزونات في الدول الصناعية المستهلكة إلى 60 يوما من الطلب ما قد ينعكس سلبا على مستويات الأسعار الحالية.وسيقود التزام أكبر بتخفيضات قررتها أوبك للإنتاج مقدارها 4.2 ملايين برميل يوميا طوال العام الجاري إلى خفض المخزونات إلى مستويات أكثر قبولا للمنتجين، ما سيؤدي للحفاظ على مستويات سعرية تتراوح بين (70-80) دولارا والذي تراه منظمة أوبك سعرا عادلا للمنتجين والمستهلكين ولا يعيق انتعاش الاقتصاد العالمي، وفيما يتعلق بالذهب فقد توقع مجلس الذهب العالمي أن تواصل أسعاره بالارتفاع خلال 2010 وفي الأعوام التالية، حيث أكد المدير التنفيذي للمجلس (أرام شيشمانيان) على استمرار ارتفاع الذهب بسبب إقبال المؤسسات الاستثمارية العالمية الكبرى والتي تدير أصولاً تقدر في إجماليها بحوالي 130 تريليون دولار على توسعة محافظها الاستثمارية لتضم حصة أكبر من المعدن الثمين. وكذلك إقبال البنوك المركزية الكبرى في العالم على زيادة حصة الذهب من احتياطياتها الرسمية على حساب الدولار الأمريكي الذي تراجعت حصته من احتياطيات العملات العالمية إلى نحو 63% بنهاية الربع الثاني من العام 2009، وفق تقرير صادر من صندوق النقد الدولي، وهو أدنى مستوى في عشر سنوات.

وفي تصريح ل(الجزيرة) توقع خبير الذهب عبدالعزيز العثيم أن تتراوح أسعار الذهب في 2010 ما بين (1250-1500) دولار للأونصة، بينما توقع عضو لجنة الذهب بغرفة جدة علي صالح القندي أن يصل سعر المعدن الأصفر لمستويات 1300 دولار في العام 2010، ويرى المتعاملون في أسواق الذهب وفق مسح لوكالات الأنباء أن تتراوح أسعاره خلال 2010 بين 1050 دولارا كحد أدنى و1340 دولارا للأونصة كحد أقصى. مبررين ذلك بالتوقع باستمرار الضعف بالعملة الأمريكية خلال السنة المقبلة، الأمر الذي سيجعل الذهب محافظا على موجة الصعود، مما يجعله -وفق المحللين- استثمارا لا يفنى على المدى الطويل وتبقى جاذبية الذهب واتجاهات أسعاره المستقبلية مرهونة بعاملين هما تقلص قوة العملة الأمريكية من عدمها في المستقبل مما يجعل السلع المقومة بالدولار أكثر تكلفة على حائزي العملات الأخرى والثانية تتمثل في بقاء أسعار الفائدة على العملات الرئيسية في مستويات منخفضة لدعم انتعاش الاقتصاد العالمي.وشهدت باقي السلع تقلبات حادة فلم يكن انتقال الأزمة من الاقتصاد المالي إلى الحقيقي أمرا قد اقتصر على تدخلات جراحية لعلاجها بل انتقل الذعر على مستقبل احتياطات الدول من الدولار خصوصا والعملات عموماً ليبرز عاشق الأحداث السيئة المعدن الأصفر كملاذ آمن تسابقت أغلب الدول على اقتنائه حفظا للقيمة فيما تقلب الذهب الأسود بفعل عوامل عديدة كخطط التحفيز ودخول الدولار في خريف أبهت لونه الأخضر وسنحاول عبر هذا التقرير إلقاء نظرة على أهم محطات تطور أسعار الذهب والنفط للعام المنصرم.

2009 عودة أمجاد الذهب

أنهت أسعار الذهب عامها مسجلة 1097 دولاراً للأوقية في أكبر زيادة سنوية لها في ثلاثة عقود في رحلة صعود سنوي لم يسبقها مثيل للعام التاسع على التوالي، مرتفعة 219 دولاراً هذا العام وهي زيادة لم يتفوق عليها في التاريخ الحديث سوى ارتفاع الذهب 286 دولارا في عام 1979م.ولأن الذهب يمثل أحد أهم الخيارات الاستثمارية الآمنة في الأوقات الصعبة، فقد كان له الكلمة الأولى خلال 2009، مع تفاقم تداعيات أزمة الائتمان العالمية حيث شهدت أسعاره ارتفاعات كبيرة تجاوزت في احدى المراحل 50%، عندما ارتفع من أدنى مستوياته عند 800 دولار للأونصة في يناير 2009 مسجلا في بداية ديسمبر أعلى سعر على الإطلاق بلغ 1227 دولارا للأونصة.

وإذا ما نظرنا إلى حركة الذهب على مدار 2009، نجد أن الأسعار ارتفعت بنحو 25% خلال التسعة أشهر الأولى عندما لامست الأونصة مستويات 1000 دولار، وارتفعت في شهري أكتوبر ونوفمبر بنفس النسبة (25%) من 1000 دولار للأونصة إلى 1227 دولار. ليبدأ بعدها بالانخفاض بأكثر من 100دولار بعد عودة الاتجاه الصعودي للدولار إثر ظهور بيانات إيجابية عن مبيعات المنازل في السوق الأمريكي بسبب الحوافز الضريبية المقدمة من الحكومة الأمريكية للمشترين ولانخفاض معدلات الفائدة حيث حققت أعلى مستوى لها في ثلاثة أعوام، مسجلةً (6.54) مليون وحدة سكنية وهو أعلى رقم منذ فبراير 2007.

أسباب الارتفاع في 2009

- يعتبر ضعف الدولار الأمريكي العامل الرئيس في ارتفاع أسعار المعدن الأصفر، فمع تثبيت الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة عند مستوى الصفر إضافة للعجز الهائل في الموازنة الأمريكية الذي فاق تريليوني دولار، اتجهت الاستثمارات صوب الذهب مبتعدة عن الدولار المتهاوي.

- لعبت البنوك المركزية خاصة في الصين والهند وروسيا دورا هاما في انتعاش أسعار الذهب عبر زيادة احتياطياتها في خطوة لم تقدم عليها هذه الدول منذ عشرين عاما. حيث رفعت الصين مخزونها بشراء إنتاجها المحلي لتصبح خامس أكبر احتياطي في العالم، وضاعفت الهند احتياطياتها بشراء نصف مخزون صندوق النقد الدولي المعروض للبيع، عندما أقدم صندوق النقد في نوفمبر الماضي على بيع 403 طن من احتياطياته من الذهب من أصل 3200 طن يمتلكها لتوفير سيولة، لإقراض الدول الفقيرة المتضررة من الأزمة المالية‏. وهي الكمية التي كانت تنتظرها الأسواق لتقليل الفجوة بين الطلب الكبير والعرض القليل آملين أن تؤدي لانخفاض الأسعار، وهو ما لم يتحقق، حيث قام البنك المركزي الهندي بشراء مائتي طن من الذهب دفعة واحدة بأسعار فاقت 1050 دولاراً للأونصة ما أدى للمزيد من الارتفاعات للمعدن الأصفر وبرزت سيرلانكا من بين أبرز المشترين بعشرة أطنان فيما ينتظر عرض باقي الكمية خلال العام الحالي.

- ارتفاع معدلات البطالة في الولايات المتحدة والدول الغربية والصين حيث فاقت نسبة البطالة في السوق الأمريكي 10% وهي الأعلى منذ 26 عاماً، كما فاقت أرقام البطالة في الصين الـ(20) مليون عاطل عن العمل.

- الطلب المتزايد للاستثمار بالذهب من جانب صناديق الاستثمار المتخصصة به‏‏، ففي المملكة أعلن عن قيام مستثمرين محليين بشراء 170 طناً بقيمة 22.5 مليار ريال من الأسواق العالمية.

- استمرار الطلب المعتاد من الأفراد على الذهب كوسيلة للادخار وكملاذ آمن بالأزمات، خاصة مع انخفاض عوائد بدائل الاستثمار الأخرى‏.‏ فأسعار الفائدة على العملات الرئيسية غير مشجعة حيث تقترب من الصفر بالنسبة للدولار الأمريكي وتساوي النصف بالمائة على الجنيه الإسترليني، أما الفائدة على اليورو فهي 1% فقط.

- يضاف لذلك عدم الزيادة في المعروض من الذهب بسبب صعوبات عمليات الاستخراج ونقص إنتاج جنوب إفريقيا والتي ظلت لعشرات السنين تتربع على عرش إنتاج الذهب بالعالم‏.‏ فقد انخفض الإنتاج العالمي بالعام 2008 عن العام 2007 (‏3.6%‏) ليبلغ الإنتاج ‏2356‏ طنا‏.‏ في الوقت الذي استمر الطلب العالمي على الذهب في الارتفاع‏.‏ حيث زاد الطلب من (3552‏) طن عام ‏2007‏ إلى (‏3804)‏ طن في العام 2008 بنسبة نمو فاقت ‏7%.‏ ما أدى إلى اللجوء للذهب المستعمل لسد جانب من فجوة الطلب‏.‏ وقد أشارت بيانات المجلس العالمي للذهب عن زيادة الطلب الاستثماري على المعدن الأصفر بنسبة 46% في الربع الثاني من العام 2009 مقارنة بالربع المقابل من العام 2008م.

العام 2009: النفط وبداية التعافي

اتسمت صناعة النفط العالمية بتطورات مهمة خلال 2009، فبعد أن هبطت الأسعار بسرعة إلى مستوى متدن بلغ نحو 33 دولاراً في نهاية 2008. عاودت الارتفاع إلى مستويات (70 - 80) دولاراً منهية العام 2009 فوق مستوى 79 دولاراً للبرميل ومسجلة أكبر قفزة سنوية في عشرة أعوام مرتفعة 78% منذ بداية العام بالرغم من استمرار الأزمة المالية العالمية وهي أكبر مكاسب سنوية من حيث النسبة المئوية منذ عام 1999 لكنها تظل عند حوالي نصف أعلى مستوى لها على الإطلاق البالغ 147.27 دولارا للبرميل الذي سجلته في يوليو 2008م.

وبعد هبوط أسعار النفط إلى أدنى مستويات لها في خمس سنوات عند أقل من 33 دولارا للبرميل في نهاية 2008 سجلت قفزة مطردة إلى مستوى مرتفع بلغ 82 دولاراً في أكتوبر 2009 وجاءت مكاسب النفط هذا العام ضمن اتجاه صعودي واسع شمل أسواق السلع والأسهم مع عودة الاستثمارات إليها بعد نضوبها أثناء الركود الاقتصادي العالمي ويرجع السبب الرئيس لعودة أسعار البترول للارتفاع إلى:

- قرار منظمة أوبك بتخفيض إنتاجها بحوالي 4.2 مليون برميل يومياً.

- خطط التحفيز التي تم اعتمادها في قمة العشرين في لندن والتي بدأت تعطي إشارات بتعافي الاقتصاد العالمي ما زاد من التكهنات بعودة ارتفاع الطلب العالمي على النفط.

- زيادة الطلب على النفط من دول آسيوية وعلى رأسها الصين مما عوض نقص الطلب من الولايات المتحدة والدول الغربية.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد