حينما أطلقت شركات الاتصالات المتنقلة الاستفادة من خدمة البلاك بيري لعملائها كان التركيز بالدرجة الأولى على قطاع الأعمال؛ نظرا إلى ما توفره هذه الخدمة من فوائد من جراء إبقاء صاحب العمل والموظف على اتصال مستمر بعمله في أي وقت، وفي أي مكان. وبعد نجاحها في قطاع الأعمال في المملكة أطلقتها الشركات لقطاع الأفراد، ولم تتوقع أن تلقى رواجاً وقبولاً في المجتمع السعودي كما هو حاصل الآن، بل إن الأمر خالف التوقعات وأصبحت مبيعات الأفراد تفوق مبيعات قطاع الأعمال.
قد يبدو مثل هذا الأمر غريباً بالمقارنة بالمجتمعات الأخرى، ولكن لدينا في المملكة ليس مستغرباً؛ فقد أصبح البلاك بيري بيد الأطفال والشباب من الجنسين، والنسبة الأكبر لدى العنصر الأنثوي. حتى أن الأمر أصبح ضرورة لدى الفتيات، ومن متطلبات الزينة الخاصة بهن؛ فتجد الألوان تتغير بحسب الملبس والمشوار المقصود، وأصبح الأمر غريباً في المجالس؛ فتجد الكثير منهمكاً في جهازه، وهو حاضر فقط بجسمه، بينما عقله منشغل بهذا الجهاز الذي قد يكون من سلبياته خلق جيل من الشباب (الانطوائي). المشاهد والمناظر التي نشاهدها في الأماكن العامة، وحتى في المجالس الخاصة، هو انتشار مريب لهذا الجهاز الذي يجعل الشخص على تواصل دائم بالعالم الخارجي، سواء من خلال تصفح الإنترنت، أو الاطلاع على رسائل البريد الإلكتروني والرد عليها، والتواصل مع المجموعات الخاصة بأجهزة البلاك بيري.
ما دفعني للكتابة حول هذا الموضوع هو حوار دار بيني وبين زائر أوروبي قدم إلى المملكة لإنجاز عمل، وتقابلت معه في مناسبة، ودار بيننا حديث قصير؛ فسألته عن أبرز ما لفت انتباهه خلال زيارته للمملكة، وفاجأني برده بأنه منبهر من انتشار استخدام التقنية لدى جيل الشباب من الجنسين في المملكة، وقال: في كل مكان أذهب إليه، سواء في الأسواق أو المقاهي أو المطاعم، أشاهد كثرة استخدام البلاك بيري. وقال: نحن لدينا أكثر مَنْ يستخدمه العاملون في الشركات والمؤسسات الخاصة، بينما لديكم لحظت انتشاره بين الأطفال والشباب من الجنسين. وقال: هل نظام التعليم لديكم يتيح لهم التواصل مع المعلم والمدرسة والزملاء من خلال البلاك بيري؟ فلم أجد جواباً في حينه أجيبه به، وقلت له: إن شبابنا مغرم بالتقنية وبالجديد. بينما الإجابة الحقيقية بعيدة تماماً عن ذلك!!
لا أعلم أين تسير بمجتمعنا مثل تلك الأجهزة، والمؤكد أنه بقدر ما لهذه التقنية من فوائد، إلا أن سلبياتها في حال عدم استخدامها الاستخدام الأمثل ستكون أكبر.
fax2325320@yahoo.com