Al Jazirah NewsPaper Sunday  03/01/2010 G Issue 13611
الأحد 17 محرم 1431   العدد  13611
 
مثلث الإرهاب مثلث الموت
د. وحيد بن حمزة عبدالله هاشم

 

في الباكستان قتل غدراً ثمانية وثمانون مسلماً وجرح أكثر من مائتين آخرين في هجوم إرهابي انتحاري لحافلة مفخخة قادها انتحاري إرهابي فجر نفسه في جموع من مشاهدي كرة الطائرة، العملية سبقتها عمليات انتحارية إرهابية أودت بحياة العشرات لأسباب مختلفة في مقدمتها محاولة فرض فتنة طائفية وسياسية وعقائدية لا تضر إلا الشعب الباكستاني.

وفي العراق تتواصل العمليات الانتحارية الإرهابية بشكل خطير مؤسف ملفت للنظر في الرمادي والأنبار وفي مختلف المحافظات العراقية في محاولة جادة من تنظيم القاعدة وقوى إقليمية أخرى لفرض أجندتها هدفها الحفاظ على حالة الفوضى والخوف والهلع في العراق مستهدفة أرواح وممتلكات الأبرياء من أبناء الشعب العراقي.

وفي اليمن يحاول تنظيم القاعدة من جانبه إثبات وجوده في وطن بديل وتثبيت جذوره في تلك البلاد ممعناً في العمليات الإرهابية ومخططاً للقيام بالمزيد منها في ذات الوقت الذي يجند فيه الأبرياء من الشباب لاستخدامهم كقنابل ومتفجرات إنسانية متحركة تحصد الأرواح المسلمة البريئة من غير وجه حق.ومن جانب آخر تتواصل العمليات العسكرية لقوات الحكومة اليمنية الشرعية ضد المتمردين الحوثيين الذين عاثوا فساداً في تلك البلاد وحاولوا عبثاً نقل تلك الأوبئة إلى جنوب المملكة.الدول الثلاث غدت مواقع منفتحة وحاضنة لمثل الفوضى والعنف والإرهاب وبالتالي مثلث الموت في المنطقة التي تفضي حتما إلى الموت والدمار وما ينجم عنها من ضياع للثروات والممتلكات وإعاقة لسياسات التنمية والتطوير الأمر الذي يعزز من قوى التخلف في المنطقة وفي مقدمتها الجهل والفقر والمرض وبالطبع الفساد.ولا شك أن السؤال لماذا الدول الثلاث هذه حتماً يجاب عليها من خلال وجود ثلة من العوامل المشتركة التي تفسر حالة العنف المتواصل فيها، فالجهل موجود في تلك الدول بمختلف أشكاله وأوجهه البشعة، والفقر المدقع يهيمن على الغالبية العظمى من شهور تلك الدول، كما وأن المرض يفتك فيها بأنيابه ومخالبه، فيما يعمق ويدعي الفساد بل ويقوي من تلك العوامل ويحرص على بقائها وتفشيها.

تلكم البيئة الإنسانية خصبة بالفعل لنمو ونشر أفكار جماعات التطرف والإرهاب وخطابها ومنطقها الأعوج الذي لم يحقق حتى الآن إلا الفتن والخوف والهلع في جميع أنحاء العالم دون استثناء، آخرها ما سيتمخض من تصعيد في الإجراءات الأمنية والمعاناة الإنسانية الملازمة لها لكل المسافرين في جميع أنحاء العالم جراء محاولة تفجير الطائرة الأمريكية من قبل شاب نيجيري تم تجنيده وتدريبه في اليمن من قبل تنظيم القاعدة.

المتأمل لتلك الأحداث لا يجد عناء في التوصل إلى حقائق مؤسفة وإن كانت دامغة لا تدين جماعات التطرف والإرهاب فيما وصلت إليه الأوضاع والأحوال الأمنية العالمية من تدهور وحسب، وإنما تدل على حرص تلك الجماعات وفي مقدمتها تنظيم القاعدة على نشر الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة من خلال تعميق مواطن الفتن بين الدول والشعوب، لا بل وتفرض نمطاً من الحياة الإنسانية الإقليمية والدولية قلما يمكن أن تتحمله أجيال المجتمعات الإنسانية المتحضرة الحالية والقديمة.العالم الحالي في السنة الجديدة هجرية كانت أم ميلادية على ما يبدو لن يكون بأفضل من الأعوام الماضية التي سبقته منذ أحداث 11 سبتمبر الإرهابية من عام 2001م إذ بدأ هذا العام بعمليات إرهابية في الباكستان والعراق واليمن، لندع جانباً ما يجري من إراقة لحمامات من الدماء في أفغانستان الدولة الحاضنة الأولى لقوى التطرف والإرهاب وجماعاته المختلفة، الدولة التي أفرزت شبح الإرهاب وشحنته ومن ثم صدرته إلى مختلف أنحاء العالم، لكن ليحاول لاحقاً الاستقرار في أرض اليمن.على الأقل بداية جيدة لتحريك الأمل والتفاؤل في نفوس الشعوب وقلوبها على العالم كله أن يتحرك لمنع تكرار وجود النموذج الأفغاني في اليمن حتى لا يتكرر ذلك النموذج مرات ومرات في مواقع أخرى من المنطقة.

www.almantig.org





 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد