Al Jazirah NewsPaper Saturday  02/01/2010 G Issue 13610
السبت 16 محرم 1431   العدد  13610
 
بين الوزير ونائبه
بقلم: خالد المالك

 

من يقف على مسافة قصيرة من وزارة التعليم العالي، ليطل على إنجازاتها، وعلى خطواتها المتسارعة في تهيئة الأجواء وتوفير الإمكانات للتعليم العالي في بعديه التربوي والتعليمي، سوف يدرك بداهة أن وراء هذا العمل المتميز رجالاً أكفاء وعقولاً نيرة، ينطق بها ويتحدث عنها كل هذا التوسع الهائل الذي نشاهده في مجال التعليم العالي، وكل هذا التنوع الكبير في مساراته ومنجزاته وتحديث أدواته بشكل متسارع ومتطور وغير مسبوق.

***

فعلى مدى السنوات الثلاث الماضية وما قبلها كنت أقضي إجازتي السنوية في الولايات المتحدة الأمريكية، مروراً أو توقفاً في بعض الدول الأوروبية، وكنت ألحظ تنامي عدد الطلاب في هذه الدول من شبابنا النابه الذين ابتعثوا على حساب وزارة التعليم العالي في مختلف المستويات وفي عدد كبير من التخصصات، وهم من جميع مناطق المملكة ومن كل أسرها وقبائلها، ضمن مبدأ العدل والمساواة وتكافؤ الفرص التي تمثل التوجه الجميل الذي يقوده ويحرص عليه وزير التعليم العالي معالي الدكتور خالد العنقري ونائبه معالي الدكتور علي العطية بإتاحتهما الفرصة لكل شبابنا الراغب في استثمار فرصة الابتعاث للدراسة خارج المملكة على حساب الدولة تنفيذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.

***

ومن المؤكد أن غيري لفتت نظره هذه الزيادة في عدد من تم ابتعاثهم إلى أغلب دول العالم التي تتميز بالتعليم العالي المتطور، حيث تستجيب جامعاتها للمعايير والشروط والمواصفات والمستويات التي حددتها الوزارة واعتبرتها ملزمة عند معادلة شهادات من ينهي دراسته في هذه الجامعات أو في غيرها سواء أكان ذلك على حساب الدولة أو كان على حسابه الخاص.

***

وفي كل الأحوال، فإن ظاهرة الابتعاث، نوعاً وكماً، وقد بلغ العدد - كما تنامى لعلمي - إلى ما يزيد عن سبعين ألف طالب وطالبة في مراحل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، إنما يمثِّل رقماً كبيراً لا أعتقد أن دولة في العالم تبعث بمثل هذا العدد الكبير من الطلاب على حساب حكومتها كما تفعل المملكة ممثلة بوزارة التعليم العالي. وهذا يعني أن خادم الحرمين الشريفين، حين اختار هذا الطريق في تنويع مصادر تلقي شبابنا لتعليمهم في الداخل والخارج، فلأنه يدرك أن الاستثمار الأفضل والأهم هو الاستثمار في الإنسان، وأن تنوع الثقافات واللغات والخبرات وطرق ومناهج التعليم لا تتم إلا من خلال التوسع في مصادر وأماكن التعليم، وهذا لا يوفره لشبابنا إلا الابتعاث الخارجي، ليكون إلى جانب الدراسة في جامعات المملكة إضافة مهمة في تطوير وتنوع مستويات الطلاب في التعليم العالي، الأمر الذي يذكرنا دائماً بالدور المسؤول الذي يقوم به وزير التعليم العالي الدكتور العنقري ونائبه الدكتور العطية في ترجمة التوجيه الملكي والالتزام بتطبيقه بمثل ما نراه الآن.

***

ومثلما نجحت خطة الوزارة في تنفيذ برنامج خادم الحرمين الشريفين في الابتعاث والالتزام بتوجيهاته، فهناك مجموعة أخرى من الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الأربع الماضية بعد أن تم التخلص من أسلوب الروتين القاتل في العمل، وتحديث آليات العمل الإداري بالوزارة، وبناء مظلة لاحتضان كل الأفكار والمستجدات التي تؤدي إلى تطوير العملية التعليمية العليا التي يقودها الوزير ونائبه بهدوء وصمت، مكتفين بالمشروعات التي أنجزت لتحكي قصة العمل المتميز في هذه الوزارة حيث أنجزت في سنوات قليلة ما لم ينجز في سنوات كثيرة، وهذا بفضل الدعم المالي الكبير والتشجيع المعنوي المتواصل للوزارة من خادم الحرمين الشريفين، ثم لنجاح معالي الوزير في استقطاب واختيار كفاءات ممتازة لمساعدته في إدارة شؤون الوزارة من شبابنا المؤهل أكاديمياً إلى جانب خبرات طويلة ومتنوعة اكتسبوها من خلال مسيرتهم العملية وفي مقدمة هؤلاء نائب وزير التعليم العالي الدكتور علي العطية.

***

وربما كان هناك من سيتساءل عن هذه الإنجازات التي تحققت بفضل الله أولاً ثم بتوجيه خادم الحرمين الشريفين إلى مهندسي هذه الأعمال الكبيرة وهما الوزير ونائبه وبقية الكوكبة من الكفاءات السعودية التي تعمل تحت مظلتهما. وللإجابة على ذلك، فإن عدد الجامعات التي أُنشئت في غضون السنوات الأربع الماضية بلغ ثماني عشرة جامعة جديدة ليرتفع عدد الجامعات بالمملكة إلى أربع وعشرين جامعة توزعت جغرافياً بين مناطق ومحافظات ومدن المملكة وفق المتطلبات والأولويات والسياسات المرسومة لتوزيع الجامعات على امتداد الوطن الغالي. وفي هذا لابد أن نتذكر أن اختيار الوزير العنقري للدكتور العطية لم يكن من فراغ، فقد عرفه نموذجاً للإداري المخلص، وصاحب قرار يؤمن بأهمية الوقت وبالقيمة التي تصاحب المبادرات وما يترتب عليها من نتائج إيجابية، فمنحه من الصلاحيات ما مكنه من أن يترجم الأفكار إلى حقائق وإلى واقع معاش.

***

يقول المقربون من العمل في وزارة التعليم العالي بأن الدكتور العطية ما أن تسلم عمله بالوزارة حتى بدأ مهامه في التنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة بشأن تخصيص أراضٍ للجامعات ومجمعات للكليات وبمساحات تلبي الاحتياج في المستقبل وليس الحاضر فقط، بحيث يمكنها أن تستوعب التوسع المستقبلي، وهي ذات الأراضي التي تنفذ عليها الآن المدن الجامعية في كل من جازان ونجران والجوف وحائل والخرج وعرعر ورفحاء والباحة وتبوك، إلى جانب مشروعات مجمعات الكليات الجامعية التي تطورت إلى جامعات على نحو ما تحقق في الخرج وشقراء والمجمعة، وهو ما ينطبق أيضا على ما هو قائم في عدد من المحافظات، حيث تولت الوزارة تصميم مجمعات الكليات الجامعية ومتابعة تنفيذها لتكون نواة لجامعات جديدة في المستقبل إن شاء الله، والوزير ونائبه لم يتركا مقر الوزارة على ما هو عليه، حيث ظل على مدى ثلاثين عاماً يتنقل بين المباني المؤقتة، بمعنى أنه لم يصرفهما الاهتمام بمقار الجامعات عن الاهتمام بموقع صنع القرارات الإستراتيجية والتاريخية وهو مبنى الوزارة ذاتها، وإنما أعطيا مقر الوزارة من اهتمامهما، بحيث أمكن تشييده على أحدث طراز ليصبح معلماً من معالم مدينة الرياض، من حيث الشكل الخارجي، وواحد من أهم مقار الوزارات من حيث الوظائف والمساحات والإمكانات التي روعي استحداثها في تصميم المبنى الجديد داخلياً.

***

لقد أسعدني بعض ما وصلني من معلومات إيجابية عن وزارة التعليم العالي، وبالذات حين علمت أن عدد المحافظات التي يغطيها التعليم العالي ارتفعت من 17 محافظة إلى 82 محافظة، وقبول 91% من خريجي الثانوية العامة في الجامعات السعودية، وابتعاث أكثر من سبعين ألف طالب إلى الخارج، بينما لم يكن العدد يزيد عن 2900 طالب، وارتفاع عدد الجامعات إلى 24 جامعة، فيما كان عددها لا يتجاوز الثمان جامعات، وكل هذا تم في فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز الأربع سنوات.

***

على أن هذا الحجم من العمل لم يصرف الوزارة وزيراً ونائباً ووكلاء عن الاهتمام بالمستوى التعليمي، فجاء إنشاء المركز الوطني للقياس والتقويم، والهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي، ومراكز البحث العلمي في الجامعات، ومشروع الإبداع والتميز لأعضاء هيئة التدريس، وبرنامج رعاية الطلاب المتميزين في الجامعات، والحوافز الإضافية لكادر أعضاء هيئة التدريب بالجامعات، والتركيز على التخصصات التي يحتاجها سوق العمل، لتؤكد إدراك المسؤولين بالوزارة على أنهم في مرحلة التحدي الإيجابي للقفز بالتعليم إلى أعلى السقف الذي يهيئ رجال المستقبل لخدمة الوطن عن معرفة وعلم وبكل الإخلاص الذي يُنتظر منهم.

***

لقد اختصرت وأوجزت في تعليقي على ما أسعدني من معلومات ذات علاقة بوزارة التعليم العالي، ولم أقل شيئاً عن الجامعات وإنجازاتها والمنافسة فيما بينها، والمواقع العالمية التي تربعت عليها بعض الجامعات السعودية في التصنيفات الدولية، وبخاصة جامعة الملك سعود وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وهي إنجازات كبيرة ومشرفة جاءت منسجمة وعلى خطى متابعة الوزير ونائبه، كما لم أتحدث عن تشجيع الوزارة للكتاب وتوجهها إلى ترجمة بعض الكتب واختيارها ضيف شرف في كثير من المعارض الدولية، كما لم أضمن هذه الكلمة شيئاً عن الملحقيات الثقافية، وما تحقق لها من دعم مالي وبشري، لتكون في وضع يسمح لها بتقديم الخدمات المناسبة للمبتعثين، وغير ذلك مما يستحق أن يكتب عنه، لولا أن ضيق المساحة لا تسمح بأكثر من ذلك، وقناعتي بأن هذه الإشارات الموجزة تغني عن التفاصيل.

***

شكراً للدكتور العنقري، وللدكتور العطية، ولكل القيادات الفاعلة في وزارة التعليم العالي والجامعات الذين أضاؤوا الطريق أمام شبابنا لتلقي التعليم العالي الحديث الذي سوف يغير في نمط حياة هذا الشعب، ويقود الوطن إلى ما هو أفضل - إن شاء الله - في ظل سياسة حكيمة يقودها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني، بانتظار ما يعزز مثل هذه النجاحات بأعمال أخرى وإنجازات جديدة، فالطموح والتحدي الفاعلين والإيجابيين هو ما ينبغي أن نسعى إليه ونتمسك به ونحرص على بلورته على شكل مشروعات كما فعلت هذه الوزارة، وكما فعلت قطاعات وجهات حكومية أخرى كثيرة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد