تأليف: باتريشيا سيبولد
مفارقات:
مهما يكن حجم أعمالك أو طبيعة نشاطك ففي مكان ما من هذا العالم توجد طلقة توشك أن تنطلق، على هذه الطلقة مكتوب اسمك أو اسم شركتك.
فهناك منافس في مكان ما من هذا العالم يتحفز لاجتياح أسواقك.
هذا المنافس لا يستهدف خدماتك أو منتجاتك، بل سيلغي الطريقة التي تعمل بها الآن؛ لأنه يطرح نمطاً جديداً في إدارة الأعمال لم يكن معروفاً أو حتى متخيلاً قبل ثلاث أو أربع سنوات.
المنافسة القادمة ستكون بين نماذج أعمال يلغي بعضها بعضاً. فالخطر لا يكمن في عدم كفاءة نمطك الإداري، أو في غياب استراتيجيتك أو عدم فعاليتك، بل في عدم انتماء نموذجك الإداري للعصر، أو لعالم أعمال الغد.
نموذج الأعمال الجديد لم يستقر على اسم واحد بعد؛ فتارة يسمى: (التجارة الإلكترونية)، وتارة أخرى يسمى (الأعمال الإلكترونية)، وهناك من أطلقوا عليه مؤخرا اسم (المنظمة الإلكترونية). في الخمسينيات والستينيات كان المستهلك يذهب إلى الشارع التجاري الرئيسي في المدينة ليشتري احتياجاته. ثم ظهرت
المراكز والمعارض التجارية العملاقة في السبعينيات والثمانينيات فسحبت العملاء من الشوارع التجارية التقليدية في قلب المدن إلى الضواحي والأحياء الجديدة. ثم جاءت التسعينيات فبدأ العملاء يتحولون عن الشراء من المراكز التجارية إلى الشراء من الأسواق الإلكترونية المفتوحة.
فماذا أنت قائل؟
قد تقول إن هذا ليس جديدا؛ فهو معروف منذ ثلاث أو أربع سنوات. نعم.. ولكن الجديد هو الطريقة التي يجب أن تستجيب من خلالها للعملاء. لقد مكثت شركات عالمية مثل (كوكاكولا) و(ماكدونالدز) و(تويوتا) وغيرها عقودا طويلة حتى صارت معروفة لكل الناس في كل مكان. ولكن الشركات الإلكترونية مثل (أمازون) و(ياهوه) و(أميركا أونلاين) لم تنتظر سوى سنتين أو ثلاث، وفي بعض الحالات عدة أشهر، حتى أصبحت أسماء إلكترونية لامعة تتداولها الألسن والأصابع عبر الفضاء الإلكتروني ملايين المرات كل يوم.
فكيف حدث هذا؟
وأين يقع العملاء من هذا كله؟
وكيف تستجيب أنت لتتجنب رصاصة التجارة الإلكترونية القاتلة.. المصوبة الآن إلى صدور كل المنظمات والشركات التقليدية النائمة بانتظار قدرها المحتوم؟
لقد غيَّرت الإنترنت قلب وقوالب الإدارة بستة أشكال، يكمل بعضها بعضاً، هي:
أولا: التحول من دفع المستهلك إلى جذبه: حولت الإنترنت المستهلك من فريسة إلى صياد؛ فهو الذي يختار دون ما ضعف أو انبهار. فالشركات المعلنة لم تعد قادرة على دفع العميل؛ لأن التسويق يقوم الآن على حرية الاختيار.. في اتخاذ القرار، وليس أمامك من وسيلة لبيعه إلا أن تشده قبل أن يشده منافسوك.
ثانيا: الحقيقة المجردة فقط: تعمل الكثير من مواقع الإنترنت الآن كسماسرة ووسطاء؛ فهي تقدم المعلومات المجردة، وأدوات المقارنة الإلكترونية الفائقة.
فالمنافسة اليوم لا تعني جودة السلعة أو الخدمة فقط، وإنما توافر المعلومات ومصداقية البيانات. فإما أن تكون صادقاً وصريحاً ومكشوفاً.. فتقدم أفضل العروض بأقل الأسعار، وإلا ستبقى في مكانك واقفاً بلا حراك.. تنتظر العميل الذي لن يأتي أبداً.
ثالثا: العميل يصمم السلعة: يتجول العملاء عبر الشبكة العالمية، ويختارون ما يريدون.. ويصممون مشترياتهم طبقاً لاحتياجاتهم، وما على الموردين والمصنعين سوى توفير البرامج والمعلومات، وإعطاء التعليمات التي تسهل التعامل مع مواقعهم ومخازنهم الإلكترونية.. وسيأتي اليوم الذي لن تطرح فيه الشركات منتجاتها انتظارا للعميل الذي سيجد فيها ضالته؛ فالعميل الآن هو الذي يختار السلعة ويذهب إليها، قبل أن تأتي أنت أو هي إليه.
رابعا: مزاد دائم على كل شيء: المناقصات والمضاربات هي أسلوب البيع والشراء، للمسافرين جواً تحديد Priceline.com؛ فالآن يتيح موقع سعر تذكرة السفر، فإذا ما وجدت شركة الطيران التي يمكنها بيع التذكرة بالسعر المطلوب يقوم المسافر بالشراء. فعليك طرح خطوط سفرك وأسعارك، وتنتظر أن يرسى عليك المزاد فتبيع. وإلا فعليك انتظار مزاد آخر مع مسافر جديد.
خامساً: موت الجغرافيا: كثير من الكتب التي يسوق موقع amazon.com يبيعها خارج الولايات المتحدة. ولكي تحصل على قرض من البنك كان عليك أن تزور أقرب بنك محلي يقع في شارعك أو الشارع المجاور، أما الآن فإن موقع Bankrate.com يقدم لك أفضل أسعار القروض من مؤسسات مالية تنتشر في أرجاء المعمورة كافة.
سادسا: محركات البحث: تتفوق وسائل البحث الآن على منافذ البيع وقنوات التوزيع؛ ولهذا السبب يتدفق عليها المستهلكون؛ لأنها أفضل الأماكن للتسوق. ففي هذا العالم الذي أصبح الوقت فيه يقاس بجزء من الثانية أصبحت مواقع ووسائل البحث مصدراً مهماً لجذب المستهلكين. وعلى عكس المتاجر التقليدية فإن المتاجر الإلكترونية لا تغلق أبوابها؛ فهي تعمل على مدار الساعة، وهي التي تذهب إلى العميل في مكتبه ومنزله، بدلا من أن تنتظر (سيادته) لكي يشرفها بالزيارة.