انتقد بعض المثقفين والمتابعون- في فترة سابقة- مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني نتيجة التوجه إلى مناقشة الموضوعات الخدمية والابتعاد عن تناول القضايا الفكرية. وقد أقام المركز خلال الأيام الماضية لقاءً حول واقع الخطاب الثقافي السعودي، وهي إحدى الفعاليات المهمة التي كان ينتظرها كثير من المتابعين والمثقفين؛ لأن مناقشة الخطاب الثقافي السعودي يعد أمرا جوهرياً يتيح للجميع الاطلاع على مسارات هذا الخطاب وتوجهاته المستقبلية.
إن اللقاء حول واقع الخطاب الثقافي السعودي وآفاقه المستقبلية- رغم صعوبة المهمة- يعد خطوة إيجابية تساعد في إزالة الضبابية التي تحاصر الواقع الثقافي، كما تساعد في تهيئة الطريق للوصول إلى رؤية ثقافية موحدة وشاملة لكل التيارات الفكرية، وهذا بلا شك نقطة البداية التي تحسب للقائمين على مركز الملك عبد العزيز.
وحيث حصل لي فرصة حضور فعاليات ذلك اللقاء، فإني كنت مؤملاً - كغيري - أن يبادر المشاركون بتجلية المحاور محل النقاش والتركيز عليها بعيداً عن حظوظ النفس، إلا أن ما كان مخيباً للآمال أن بعض المشاركين- وهم قلة- عمدوا إلى تصفية حساباتهم الشخصية مع زملائهم في التيارات الفكرية الأخرى.
كما لفت نظر الجميع ما أشار إليه أحد المشاركين بوجود خلافات بين مثقفي بعض التيارات تمنع الالتقاء والحديث بل وحتى السلام، بينما ذكر بعضهم سيطرة أحد التيارات الفكرية على المنابر الصحفية والإعلامية بينما يسيطر تيار آخر على منابر الجمعة.
كنت- وما زلت- أتمنى أن تكون فرصة اجتماعات النخب المثقفة طريقا للالتقاء والاجتماع لدفع مسيرة الوطن مع بقاء اختلاف الرأي ووجهات النظر؛ ذلك أنه من الصعب أن يتنازل كل فريق عن أفكاره وقناعاته، لكن المهم من- وجهة نظري- أن تكون مصلحة الوطن هي الهم الرئيس لكل أحد- وهي كذلك- لكن تبقى آليات تفعيله محل نظر.
وهنا أقول: متى تستطيع مثل هذه اللقاءات تحقيق الصفاء الكامل بين شريحة مثقفي السعودية على مختلف أطيافهم ومشاربهم؟
إن أي مجتمع لابد أن يكون فيه اختلافات ووجهات نظر متنوعة، ولكن يبقى المهم هو الالتقاء في قالب وطني من أجل دفع المجتمع للتقدم والرقي؛ لأنه من المستحيل أن يتفق الجميع إلا إنه من السهل الخروج والاتفاق على نقاط مشتركة تصب في النهاية في هدف مشترك هو مصلحة الوطن، ومما يعكس سعي الجميع لهذه المصلحة هو مشاركة عدد كبير من نخبة المفكرين والمثقفين واقتطاعهم يومين للمشاركة في فعاليات ذلك اللقاء.
لقد كان لقاءً رائعاً جمع نخبةً متميزةً من المثقفين والمفكرين السعوديين الذين أثروا النقاش حول الخطاب الثقافي؛ مما يؤكد أهمية استمرارية جهود مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني في إقامة ودعم مثل هذه اللقاءات مستقبلاً في مناطق ومحافظات مملكتنا الغالية.
وأخيرا شكرا لمسؤولي مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، الذي أعاد من خلال هذا اللقاء الحياة مرة أخرى للقاءات الفكرية والثقافية التي تسعى لتكريس الوطنية بين مختلف شرائح أفراد المجتمع.
alelayan@yahoo.com