Al Jazirah NewsPaper Friday  01/01/2010 G Issue 13609
الجمعة 15 محرم 1431   العدد  13609
 
مواقع ومنتديات يديرها حاقدون على دين الله.. أكاديميون شرعيون وباحثون متخصصون لـ(الجزيرة):
المتطاولون على كتاب الله على الإنترنت.. كشف زيفهم أم إهمال مزاعمهم؟

 

(الجزيرة) – خاص :

أجمع عدد من المتخصصين في القرآن الكريم والشريعة والدراسات الإسلامية على أهمية تكاتف جهود الهيئات والمراكز والمؤسسات العلمية الإسلامية في مواجهة الهجمة الشرسة التي قامت بها عدد من الجهات والمواقع الهدامة على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) بهدف الإساءة للإسلام والتشكيك في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.. مشددين على أهمية دراسة ومتابعة هذه المواقع والرد عليها بأسلوب علمي مقنع يبين زيف ما تنشره وتبثه.

دعاة الباطل

ففي البداية، يقول الأستاذ المشارك بقسم الشريعة بجامعة أدرار بالجزائر الدكتور رابح أحمد دفرور: إن هذه البرمجيات والمواقع المناهضة للقرآن الكريم تعد وسيلة لدعاة الباطل، بها يضللون الناس ويشككون في القرآن الكريم وينالون منه، فتجدهم ينشرون على بعض مواقعهم مصاحف محرفة لفظا، ويرفعون مصاحف إلكترونية في مواقع لا تراعي للقرآن حرمة... وربما نجد بعضها راحت تستعمل سلاح الحرب الإلكترونية في هذه المعركة. وهذه سنة في الصراع بين الحق والباطل، غير أنه لا بد من مواجهة هذه المواقع بالتحذير منها، والتعليق على ما تنشره من جديد في هذه المسألة، وبيان وجه الباطل الذي تنشره، ويكون ذلك بمهاجمة مواقعها، ومعرفة أصحابها، وكشفهم وتعزيرهم إن كانوا ممن يقدر عليهم.

عمل مؤسسي

ومن جانبه يرى عضو هيئة التدريس بكلية التربية في جامعة تكريت بالعراق الأستاذ غانم قدوري الحمد أن للتقنيات الحديثة فوائدها في خدمة القرآن الكريم والدراسات المتصلة به، ولكن لتلك التقنيات مضارها أيضاً، لأنها وسائل يمكن أن تستخدم في الخير أو في الشر، وقد ظهر من يستخدم تلك التقنيات في التشكيك في القرآن، أو تحريف معانيه، من جهات متعددة: استشراقية أو طائفية أو علمانية، ومواجهة هذه الحملات مهمة جداً، لأنها قد تهدم في ساعة ما تبنيه في سنوات، ولا تنفع الجهود الشخصية والأعمال السريعة في مواجهتها، فلا بد من عمل مؤسسي واسع ومنظم يتابع كل ما يصدر عن تلك المواقع ويعالجه بالطريقة المناسبة، ولنا في موقف علماء السلف في وجه الحركات الباطنية سابقاً أسوة حسنة، رحمهم الله تعالى ورضي عنهم.

دراسة علمية تحليلية

وفي ذات الشأن، يقول الأستاذ المساعد بكلية اللغات والترجمة والباحث في جامعة كاسل بألمانيا الأستاذ محمود محمد حجاج رشيدي: توجد تلك المواقع التي لا هم لها سوى مناهضة للقرآن الكريم، وفي هذا إشارة إلى قوة وعظم القرآن الكريم من حيث لم يريدوا، وإلا فلماذا يهاجمونه وينهون عنه وهم ينأون عنه، وكثير من هذه المواقع لا يستدعي الرد عليه فهو من قبيل الزبد الذي يذهب جفاء، ما يهمنا هو الدراسة العلمية التحليلية والرد على المواقع الجادة التي تستقطب زوار شبكة الإنترنت من خلال منطق جيد يرتكز على أساس ثابت من العلوم الشرعية وعلوم اللغة والعلوم الأخرى بحسب ما تقتضيه حاجة البحث.

محاورون أكفاء

ويرى مدير مركز تحقيق النصوص لكتابة المصحف الشريف أيمن صالح شعبان، أن المواجهة أمر حكمه فرض الكفاية على الهيئات المعنية، وعلى كل ما توافرت فيه الشروط للمناظرة ولإقامة الحجة على هؤلاء المحاربين، الذين تفطنوا لأهمية استخدام التقنيات الحديثة للنيل من الإسلام وأهله وتحديدهم لشريحة الشباب التي تمثل السواد الأعظم حاليا من مستخدمي الشبكة، والحمد لله هناك الكثير من المواقع الإسلامية التي تخصصت للرد على هؤلاء، لكنها للأسف مجهودات فردية تحتاج إلى دعم وتوجيه وتنظيم فيما بينها، ونحن بحاجة ماسة لإطلاق موقع رسمي متعدد اللغات متخصص لرد الشبهات القائمة حالياً، يتناول الرد على تلك الشبهات المستحدثة على وجه الخصوص ويقدم نشرات بريدية لأعضاء المواقع المناهضة ويفتح بابا للمشاركة مع من نالتهم تلك الشبهات من شباب المسلمين، ويقدم الدعم العملي والمعنوي والمادي للمواقع ذات المجهودات الفردية، من شؤون تقديم خطة استضافة ونشر وبرمجة وما يلزم من هذا كله.

ورأى أن الدراسات العلمية التي ترصد هذه المواقع قليلة، مشدداً على أن أي دراسة مهما بلغت من دقة وتوسع لن تكون مثل دراسة تقوم بها مؤسسة أو هيئة توفر إمكانات لوضع قاعدة بيانات عن هذه المواقع وجلب المعلومات منها، ثم تحليل المعلومات، وإعادة تبويبها، والرد عليها وهذا سهل تقنياً، ومما لا شك فيه هو توافر الكثير من المعلومات داخل الأجهزة السيادية - الأمنية - في الدول الإسلامية، وعليه فإني أناشد بتعاون أمني بين الهيئات والمؤسسات لصد هذا العدو المحارب.. ناصحاً بتوفير مزودات الاستضافة ناقلة للصوت والمرئيات لمواجهة تلك المواقع، فهي وإن كانت باهظة التكاليف لكنها شراك تلك المواقع المناهضة التي يقع فيها كثير من الشباب.

المتابعة الدائمة

ويقول الأستاذ المساعد بقسم القراءات بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الدكتور أمين محمد أحمد الشيخ الشنقيطي: إن مواجهة هذه المواقع المناهضة تكون بتكوين فريق من المتخصصين مهمته المتابعة الدائمة لما يبث فيها، والعمل على كشفه والتعريف بأسلوبه ومصدره الحقيقي، وأصحابه ودوافعهم ثم الرد عليهم وفق ضوابط الردود العلمية المناسبة، ونحن بلاشك في حاجة إلى جهود عديدة ومنظمة تتحرك في الجانب التأصيلي، وجانب الترجمة للغات وفي الجانب الإعلامي، إذ ثبت من خلال عدد من الكتب المؤلفة حديثا، ومن عدد من مواقع شبكة الإنترنت، والصحف والنشرات تزايد الحملات المناهضة للإسلام وعلومه المختلفة، ولم يصادفني خلال البحث والدراسة أي بحث يرصد المواقع التي تشن حملات على الإسلام وعلومه، أو ينشر أسماءها، وقد سمعت عن وجود جهود خاصة لدى بعض الأفراد، من خلال بنائهم لمواقع على شبكة الإنترنت مخصصة لهذا الغرض النبيل.

الدفاع عن المقدسات

ويقول أستاذ الفقه المقارن بالمعهد العالي للأئمة والخطباء بجامعة طيبة، وأستاذ الفقه المقارن بجامعة المدينة العالمية الدكتور محمد يحيى غيلان: قبل ظهور وسائل الإعلام الحديثة كان العدوان على المقدسات يتناقله الناس في مجالسهم، ويقرؤونه في كتب اهتمت بهذا الأمر، أما الآن فقد ظهر على صفحات المواقع والجرائد والفضائيات، ولاشك أن ما تخفي صدورهم أكبر كما أخبر ربنا عنهم، ولما ظهر العدوان على المقدسات الإسلامية خلال الوسائل الإعلامية المتعددة كان لزاماً على الأمة أن يكون منها مدافع عن مقدسات المسلمين في نفس الوسائل التي يكون منها الهجوم، وقد رأينا مواقع لا تحصى ولله الحمد إما شخصية أو مؤسسية انتصبت متسلحة بكل وسائل العلم والمعرفة للرد على تلك الافتراءات والأكاذيب، وقام علماء الأمة بواجب الدفاع والنصرة على الوجه الأكمل فجزاهم الله خير الجزاء، كما قامت بعض المواقع برصد الكثير من الاعتداءات والأكاذيب التي تثار حول مقدسات الأمة، وقامت بفضحها والتعريف بها فأخذت حظها من التفنيد والرد، ومع كل الجهود المبذولة فإننا نحتاج لمتابعات أكثر ولحجج أقوى ولبيان أوفى، فالباطل وأهله لا يزالون يخترعون - في غيهم وعدوانهم - من الطرق والأساليب ما يحسبون أنه أشد نكاية في المسلمين ومقدساتهم، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.

التحذير أولاً

ويقول أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية الشريعة بمدينة فاس المغربية الدكتور حسن بن إدريس عزوزي: يمكن مواجهة هذه المواقع بالتحذير منها أولاً وإن كان من الصعب اعتبار طريقة التحذير من المواقع المناهضة للقرآن الكريم وسيلة من وسائل الحد من انتشار هذه المواقع ويمكن الاحتجاج والاستنكار لدى الشركات الغربية المزودة لخدمات الإنترنت.. من جهة أخرى يمكن مواجهة هذه المواقع من خلال دعم وتعزيز دور المؤسسات العلمية المهتمة بالقرآن الكريم من أجل العمل على تصحيح صورة القرآن الكريم في مواقع الإنترنت المعادية. والمطلوب أيضاً إنشاء مواقع إسلامية ضخمة تظهر مختلف جوانب التعريف بالقرآن الكريم بمختلف اللغات تشرف عليها مؤسسات حكومية أو غير حكومية مثل مجمع الملك فهد والإيسيسكو وجامعة الأزهر وغيرها، ولتحقيق ذلك لا بد من تنظيم الجهود ورص الصفوف وإحداث تنسيقات على مستوى عال تعمل على تجميع المبادرات والجهود وتسهر على تفعيلها ومتابعتها.

المواقع المعادية

ويقول عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة والقانون بجامعة إلورن بنيجيريا الدكتور عبدالرزاق عبدالمجيد ألارو: نحن بلا شكٍ في حاجةٍ إلى جهود منظّمة لمواجهة هذه الحملات، والأفضل أن يكون ذلك بهدوء وعلى أسس علمية صحيحة. فلا ينبغي مثلاً أن نتحول من حيث لا نشعر إلى وسائل دعائية لهذه المواقع المعادية، وأعني بذلك ما يصنعه بعض الناس من إعلان عناوين هذه المواقع في الخُطب وعبر وسائل الإعلام مثلاً، مما يؤدي في أغلب الأحيان إلى إشهار هذه المواقع بين المسلمين وربما وقع بعضهم فريسة للأعداء عن طريق محاولته تصفح هذه المواقع ليرى ما فيها، وهو غير محصّن عقدياً وعلمياً، أما الرصد العلمي الهادف فنعم، مع تحديد ما يستحق الرد عليه من هذه المواقع من غير إشغال المسلمين بسخافات بعض المواقع، وإهدار طاقات الأمة ووقتها فيما لا طائل تحته. فعالم الإنترنت عالم مفتوح فيه الغث والسمين، وفيه الغالي والرخيص.

القراصنة العرب

ويشير الأستاذ الزائر بالجامعات المغربية محمد عبده إلى أن بعض المتعاملين من المسلمين على الشبكة العالمية (الإنترنت) يقومون بتدمير مئات المواقع الغربية المناهضة للإسلام، وأظن أن هذا ليس بحل صحيح، لأنه يمكن لهؤلاء إنشاء مواقع أخرى أشد حقدا وعداوة.. فالصواب هو رصد هذه المواقع جميعها، ومواجهتها بسلاح الفكر، عن طريق إنشاء مواقع متخصصة في الرد على الشبهات المثارة بشأن الإسلام، مع ترجمة هذه الردود إلى اللغات العالمية.

ويضيف: ولا شك في أن هذا الأمر يفتقر إلى إمكانات كبيرة، وإلى تضافر جهود العلماء والمفكرين المسلمين، من ذوي الخبرة والتخصص في هذا المجال. ومن محاسن هذه الندوة تخصيص محور للحديث عن المواقع المناهضة للقرآن الكريم، فهو أمر بالغ الأهمية، كونه يتيح للباحثين المشاركين في هذه الندوة؛ ليس التعرف على هذه المواقع وأهدافها فحسب، وإنما وبالقصد الأول تعقبها إبطالا ونقضا. وعملية بهذا المستوى تحتاج إلى برمجة دقيقة وخطة عمل مدروسة.

المواجهة بالعلم

ويعرب الأمين العام المساعد في جمعية المحافظة على القرآن الكريم بالأردن عمر محمد الصبيحي عن اعتقاده أن مواجهة العلم لا تكون إلا بالعلم، وعليه فإن المواقع المناهضة للقرآن الكريم تلزمها مواقع أكثر فاعلية وجذب وقوة لدحضها، والعمل على إبطال مفعولها بشتى الطرق والأساليب خدمة لكتاب الله تعالى، ونحن بحاجة شديدة إلى تنظيم جهودنا في سبيل ذلك، علماً بأن الدراسات العلمية التي ترصد هذه المواقع وتحللها وتناقش كيفية مواجهتها تكاد تكون معدومة في رأينا، ولعل هذه الندوة هي خطوة في الاتجاه الصحيح لمواجهة مثل هذه المواقع المعادية.

جهات إسلامية

ويرى مساعد المشرف على معهد بحوث الحاسب والإلكترونيات للشؤون العلمية الدكتور منصور محمد الغامدي أن هناك جهات فعلاً تسعى جاهدة للإساءة إلى الإسلام وثوابته ومن ذلك مصادر التشريع فيه. لهذا لا بد من وجود جهات إسلامية تتولى الذود عنه وتوعية المسلمين وغير المسلمين عن حقيقة الإسلام والرد على استفسارات المتسائلين والتواصل معهم. ولابد أن تكون هذه الجهات على علم ودراية بالدين الإسلامي وما يثار حوله من شبهات حتى يكونوا قادرين على الرد والتوعية بأسلوب علمي ومنهج مدروس واعٍ.

تبادل الخبرات

ويقول أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر الدكتور عبدالله رفاعي الزهري: إن شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) من أهم تطبيقات التقنية المعاصرة إن لم تكن أهمها على الإطلاق، وذلك لإمكاناتها الهائلة في الاتصال ونقل المعلومات؛ في أقل وقت وجهد، وبأقل تكلفة إلى أبعد الأماكن على وجه المعمورة، دون أن يعترضها أحد، فإذا ما علمنا أنها أصبحت مجالاً للحرب الإلكترونية بين أصحاب المذاهب والرؤى المختلفة، بل وبين الدول المتعادية عن طريق اختراق وتدمير مواقع المعلومات السرية والعسكرية، تأكد لنا مدى أهميتها وخطورتها في الوقت الحالي، وحِرْصُ المناهضين للإسلام على استخدامها لمحاربته، وزعزعة الإيمان في نفوس متبعيه منذ ما يقرب من ثلاثين عاماً، مما أنتج مئات بل آلاف المواقع المعادية للإسلام، والمناهضة للقرآن، والتي لا يمكن التصدي لها إلا باستقرائها وتحليل محتوياتها، والرد عليها رداً علمياً سليماً يقنع العقل ويثبت القلب، ولإنجاز عمل كهذا لابد من توحيد الجهود وتنظيم العمل وتبادل الخبرات عن طريق العمل المؤسسي والجماعي؛ فهو أنجع وأنجح من تلك الجهود الفردية التي يشوبها الكثير من جوانب القصور والضعف.

ويضيف قائلاً: لقد وقفت على دراسة أو دراستين في هذا المجال إلا أنه مما ينبغي أن أشير إليه هنا: هو أن المعنيين بالدراسات العربية والإسلامية في أقسام ومعاهد الاستشراق بالجامعات الأوروبية قاموا كذلك بدراسات تحليلية لأهم مواقعنا الإسلامية على شبكة المعلومات الدولية.. من هذه الدراسات: دراسة باللغة الألمانية وقفت عليها أثناء ابتعاثي إلى معهد الاستشراق بجامعة فرايبورج بألمانيا، تقدم بها الباحث «فلُورَيْن هَرمْس» Florain Harms للحصول على درجة الدكتوراه من قسم الاستشراق، بجامعة فرايبورج بألمانيا، وعنوانها: (الدعوة الإسلامية على الإنترنت. دراسة تحليلية مقارنة لمواقع الدعوة الإسلامية على شبكة المعلومات الدولية).

الدفاع عن القرآن

ويشدد الأستاذ المساعد بقسم القراءات بكلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى الدكتور أحمد عبدالله الفريح على ضرورة دعم المواقع التي اتجهت للدفاع عن القرآن الكريم، ونشرف عليها ونسدها بالباحثين والعلماء العاملين في المجمع ليصبحوا لجنة استشارية عليا لتلك المواقع، وندعمها دعماً علمياً قوياً.

المواقع السيئة

ويقول الأستاذ المشارك في علوم القرآن والتفسير بجامعة الشارقة الدكتور عبدالله الخطيب: إن هذا القرآن هو النور الذي أنزله الله لهداية الخلق، وقد ضمن الله تعالى حفظه، ومهما حاولت قوى الظلام النيل من هذا النور فلن يستطيعوا إطفاءه، مؤكداً على ضرورة التنسيق بين مراكز البحث العلمية لمواجهة مواقع الإنترنت التي تطعن بالإسلام وتشوه نضارته وحقيقته.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد