Al Jazirah NewsPaper Friday  01/01/2010 G Issue 13609
الجمعة 15 محرم 1431   العدد  13609
 
الداعية راشد الزهراني لـ(الجزيرة):
الداعية الذي يتوقف عن التزود بالعلم الشرعي مفلس ثقافياً

 

الرياض - خاص بـ (الجزيرة) :

أكد الشيخ راشد الزهراني، عضو الدعوة والإرشاد بالرياض، أن نجاح الداعية يرجع إلى علمه، وعمله، وصبره، ودعوته للناس إلى الالتزام بالطريق الصحيح.

وقال الشيخ الزهراني: إن الداعية بحاجة ماسة إلى المزيد من العطاء، وهذا يتطلب منه الاستزادة من العلم. وأضاف: إن الداعية الذي يتوقف عن التزود بالعلم الشرعي (مفلس) ثقافياً وفكرياً.. جاء ذلك في حوار مع الشيخ راشد الزهراني، وفيما يأتي نصه:

الداعية قائد رأي عام يوجِّه ويرشد الناس، وله الوظيفة الدعوية المنوطة به، وله دوره الإصلاحي في حل المشكلات، كل ذلك يتطلب توافر شروط في الداعية الناجح والمؤثر.. ما هي من وجهة نظركم؟

- حدد العلماء شروطاً لنجاح الداعي إلى الله، ليس من بين هذه الشروط أن يكون الداعي إلى الله جماهيرياً حيث يلتف حوله آلاف البشر؛ بل إنّ من أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام من يأتي يوم القيامة وليس معه أحد.

وقد جعل العلماء نجاح الداعي إلى الله يعود إلى أسباب أربعة:

أول هذه الأسباب العلم، فبه يعرف الحلال من الحرام والحق من الباطل، وبه يحمي الداعي إلى الله نفسه ومجتمعه.

ثانياً: العمل به؛ فإنّ العمل بالعلم والعمل بما يدعو إليه الداعي أثبت لقلبه وأدعى لقبول الناس لدعوته؛ قال تعالى {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} (سورة محمد 17).

الثالث: أن يدعو الناس إلى العلم؛ فبدعوته للعلم ينتشر الخير بين الناس ويكون الداعي كالغيث إذا حلّ بأرض عطشى، وله الأجر العظيم في تبليغ دين رب العالمين، وفي المقابل الإثم لمن كتم العلم والحق.

الرابع: يحتاج الداعي إلى الله حتى يكون مؤثراً أن يكون صبوراً في تعلمه، صبوراً في تعليمه، صبوراً على الحق الذي يدعو إليه، صبوراً على المدعوين، صبوراً على رؤيته لأثر دعوته ورسالته، وهذه الأمور جمعها الله - عزَّ وجلَّ

-في سورة العصر؛ فكل الناس في خسارة إلا من اتصف بهذه الصفات الأربع، وقد عد ابن القيم - رحمه الله تعالى - في رسالته التبوكية أن درجة الكمال البشري تتوقف على هذه الأمور الأربعة، وعدّها الإمام محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - من الواجبات التي يجب تعلمها وتعليمها في أوائل كتاب الأصول الثلاثة.

زادُ الداعية الشرعي والثقافي معين له على أداء دوره المطلوب منه، لكن هناك مَنْ يتوقف عن التزود بالعلم عند مرحلة معينة، فما خطورة ذلك على الداعية؟

- هناك جملة جميلة لإمام أهل السنة والجماعة الصديق الثاني أحمد بن حنبل - رحمه الله - فقد رؤي في آخر حياته وهو يعدو إلى حلق الذكر؛ فقيل له أفي هذا العمر وبعد أن حُزت كل هذا العلم؟ فقال: (مع المحبرة إلى المقبرة).

إن الداعي إلى الله بحاجة ماسة كما يعطي أن يأخذ، وقد تكون حاجته للأخذ من العلم أكثر من حاجته في أن يبلغ العلم، بل إني أرى أن يصرف الداعي ثُلثي وقته في التعلم وثلثه في التعليم.

والداعي إلى الله الذي يتوقف عند حد معين في العلم الشرعي وفي الثقافة سيجد نفسه بعد مرور فترة من الزمن قد أفلس؛ فالحراك الثقافي والفكري لا يتوقف عند حد معين، وهو بحاجة ماسة إلى حراك شرعي ينظر معه إلى الأمور نظرة ثاقبة مبنية على معرفة الأمور وإدراكها والعلم بها؛ لأن الحكم على الشيء فرع من تصوره، ومن أوقف عقله عند حد معين فإنّه سيصبح في يوم من الأيام عامياً لما يدور في مجتمعه.

هل هناك فرق بين الداعية والخطيب؟ وهل كل خطيب يصلح أن يكون داعية والعكس؟

- أعتقد أنّ الخطيب داع إلى الله سبحانه وتعالى، وهو يستثمر أحد منابر الدعوة، وهو الخطابة، وقد تجد من الناس من جعل الله تعالى له نصيباً في كل خير؛ فتجد أنّه معلم للأجيال ومربٍّ لهم ومُفتٍ وخطيب ومخالط للناس ومؤثر فيهم، وتجد آخرين تأثيرهم محدود في أحد منابر الدعوة؛ فتجد أنّ البعض قد يسر الله - عز وجل - له في الوعظ، وآخرين يسر الله - عز وجل - لهم في التدريس، وآخرين يسر الله تعالى لهم في توجيه الشباب، وغيرهم يسر الله تعالى لهم في الخطابة، فتجد أنه يصرف أسبوعه كله في إعداد خطبة مؤثرة وقوية، وقد تكون أبلغ من أعمال كثيرة يقوم بها غيره؛ فيشكر على تفرغه لهذا العمل، ولا يطلب منه أكثر من طاقته وقدرته؛ لأنّنا إذا رمنا من كل متصد للدعوة إلى الله أن يكون شمولياً في كل جوانب المعرفة ولديه القدرة على أن يكون قوياً في كل باب فإنا نروم المستحيل؛ بل إنّ العلماء الشاملين في تاريخ الأمة الإسلامية قلة يكادون يعدون على رؤوس الأصابع، بينما الأكثر في علماء الأمة هم المتخصصون في علومهم ودعوتهم.

يلاحظ غياب دور الدعاة عن الشبكة العنكبوتية على الرغم من أهميتها وتأثيرها، لماذا؟

- أخالفك الرأي؛ بل للدعاة حضور كبير ودور فاعل في الشبكة العنكبوتية، بل أعتقد أن المسلمين قد يكونون من أكثر المستفيدين من هذه الشبكة في تبليغ دين الله. أوافق أننا لم نستثمرها بشكل كبير، لكن هناك استثمارا جيدا وفاعلا، بل تجد أنّ الدعاة يسبقون غيرهم إلى بعض المواقع الاجتماعية التي من خلالها يخاطبون مئات الآلاف من المسلمين وغيرهم في أنحاء العالم.

تصنيف الدعاة إلى دعاة جدد ودعاة مودرن، إلى أي مدى هذا التصنيف صحيح؟

- إن كان يقصد بالدعاة الجدد أنهم يملكون الوسائل والأساليب الحديثة التي من خلالها يحملون شريعة النبي صلى الله عليه وسلم فهذه التسمية لا بأس بها؛ فهم دعاة جدد استفادوا من التقنية الحديثة لنشر الإسلام، وإن كان المقصود أن هناك دعاة جدداً يحملون فكراً لم يدعو إليه النبي صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام فهذا لا نوافق عليه، وهذه التسميات والمصطلحات قد تطلق ويراد بها معان أخرى بحسب مقصد القائل بها.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد