طهران - أحمد مصطفى
ألقت حادثة العاشر من محرم التي أصابت طهران بكل تداعياتها على مجريات الأمور في هذا البلد؛ وقد كشف البرلمان خلال جلساته السرية مع الأجهزة الأمنية عن ضعف واضح لدى الاجهزة الأمنية التي تركت الشارع لأنصار موسوي حيث احتلوا لبعض الوقت مواقع مهمة للشرطة وقاموا بتحطيم العجلات التابعة للشرطة وإحراق البنوك ويمكن القول: إن يوم الأحد الماضي المصادف 10 محرم كان يوما للمعارضة حيث اشعلت طهران بالنيران وحولتها إلى مدينة أشباح واستخدم هؤلاء المعارضون شعارات مناوئة مثل (خامنئي هو يزيد العصر) و(الموت للبسيج) و(لا غزة ولا لبنان) لكن يبدو أن الوقائع التي حصلت يوم الأحد قد تم استثمارها من قبل (الموالاة) لذلك جندت الشارع وعبأته من خلال التركيز على موضوع واحد وهو (أن أنصار موسوي هاجموا المواكب الحسينية والقيم الحسينية) وباتت تلك اللافتة كقميص عثمان رفعته قيادة الموالاة للانقضاض على أنصار موسوي في كل مكان؛ وجاءت لافتة الهجوم على مواكب الحسين وولاية الفقيه كأبرز (حجة) بعد تساقط كل الحجج السابقة التي لم تنفع الموالاة في تعبئة الأمة ضد أنصار موسوي؛ لذلك قد تبدو المعارضة صادقة وهي تقول: إن عمليات التخريب ليست من ثوبنا وإن البسيج أو مجاهدي خلق هم الذين قاموا بتلك الأعمال. لكن تلك الأخبار لم تسعف قوات المعارضة لاسيما وأن زعماء التيار لم يدينوا ما حصل لطهران وحتى هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس الخبراء التزم جانب الصمت؛ وفسر خبراء صمت رفسنجاني والأقطاب الثلاثة خاتمي وموسوي وكروبي بأن هؤلاء لا يريدون خسارة أشياعهم ولا يريدون الدخول في معركة محسومة لصالح (خامنئي - نجاد) لذلك واصلوا الصمت إيقاناً منهم بأن السلطة هي التي أحرقت طهران وأكلت بعض شخوصها في مسعى لتجميد ومحاصرة المعارضة. والحقيقة أن يوم الأربعاء كان يوماً للموالاة حضر الأنصار بواسطة الباصات من مناطق متعددة وطرحت في المسيرة شعارات جديدة حذرت أقطاب المعارضة من مواصلة التصريحات وصنفتهم في خانة (المحاربيين لله) وان هؤلاء عقوبتهم الإعدام لكن أحمد علم الهدي وهو خطيب مشهد جيء به من مدينة مشهد (990 كيلو متر عن طهران) إلى طهران ليضع قادة المعارضة أمام خيار صعب وهو إما الإيمان بولاية الفقيه.
وما بين الأحد للمعارضة والأربعاء للموالاة بدأت طهران وكأنها تعيش فوق بركان ساخن لأن الخلاف لم يكن بين طبقات الشارع بل خلاف ما بين الرموز القيادية التي اختارت العيش في غرف معزولة وكل غرفة يصدح رجالها كل يوم بتصريحات نارية بسبب جهود الآخر في تضييع رمزيته ومثلما بنى أصحاب الغرف حياتهم وعيالهم على أساس أن الثورة عبارة عن كيكة كل طرف له حصة فإن مجيء الرئيس نجاد واستحواذه على الكيكة قد أدخل الأطراف في خصومة لا تعرف التوافق؛ وإذا كانت ظواهر الصراع تتجلى في تلك النيران المتنقلة ما بين طهران ومدن إيرانية أخرى فإن تراجع الرئيس نجاد عن هيمنته على الكيكة قد يعيد المياه إلى مجاريها ويضع حداً لعمليات القتل السرية والإقصاء وسقوط العمائم.