يعتصرني الألم حينما أشاهد متحفاً أو صالات عرض متخصصة للفنون الجميلة في دول أقل من أن توضع في ميزان المقارنة مع بلادنا الغالية التي حباها الله بكل النعم ومنها القدرات المالية والبشرية ومع ذلك لا نجد مثل تلك المؤسسات هنا بين ظهرانينا أسوة بغيرنا من الدول المتقدمة أو حتى بلدان العالم الثالث النامية التي تحرص على احتواء هذه الفنون وإبرازها وتوثيقها.
ورغم ما مرت به هذه الفنون من دعم من قبل من تولوا أمر الاهتمام بها في بداية انطلاقتها وفي مقدمتهم الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى أن أصبحت منافسة وحاضرة في كل المناسبات المحلية والعربية والعالمية إلا أن تلك الجهود لم تتعد حدود التشجيع ومنح الجوائز وإقامة المعارض التي لا تجد أحياناً كثيرة مقراً ثابتاً أو قاعة مناسبة تعرض بها، ليأتي الدور الجديد من قبل وزارة الثقافة والإعلام الذي يسير كما كان سابقاً ما عدا تأسيس جمعية ترعى مصالح الفن التشكيلي وهي المبادرة التي تحسب للدكتور عبد العزيز السبيل وكيل الوزارة للشئون الثقافية ويحفظ حقه فيها كل التشكيليين ويؤملون أن تستكمل خطوات الدعم لها بميزانية ثابتة تمنحها القدرة على التحرك واثبات الذات كونها في طور التأسيس.
لقد أثار حفيظتي وغيرتي الوطنية ما أشاهده من اهتمام بهذه الفنون في كثير من الدول الشقيقة ومنها على سبيل المثال الأردن التي أسست متحفاً وطنياً للفنون الجميلة عام 1980م، يمتلك مجموعة متميزة دائمة لأعمال فنانين معاصرين في العالم النامي تزيد هذه المجموعة على 2000 عمل فني في مختلف فروع الفنون من تصوير زيتي ورسم وصور ضوئية ونحت وإنشاءات فراغية وخزف ومنسوجات لكثر من تسعمائة فنان من ستون دوله معظمهم من آسيا وإفريقيا.
هذا المتحف وغيره من المتاحف العربية في مصر والعراق والشارقة وغيرها وما تحمله من معنى كبير لما يعنيه المتحف من وعي ورقي ثقافة ومنافسة مع الآخرين، أجزم أن لدينا من القدرات الإبداعية أو الإدارية للتأسيس المتاحف ما يمكننا من أن نكون الأبرز والأكثر لفتاً للأنظار، لكن الأمر يعود لعدم وجود بعد نظر لدى من كلف بالتخطيط المستقبلي للثقافة مع أن الجهود الرسمية على أعلى مستوى تعمل في كل المسارات ومنها الاهتمام بالكتاب الذي نسعد أن لدينا من المكتبات ما تشرئب له أعناقنا عند الحديث عنها كمكتبة الملك عبد العزيز ومكتبة الملك فهد الوطنية، منتظرين أن نحظى بلفت نظر من وزارة الثقافة والإعلام التي أصبحت المسؤولة عن الثقافة بما فيها الفنون التشكيلية ليتحقق للفنون السعودية المعاصرة متحفاً يليق بها وبما وصلت إليه بلادنا من تطور ونهضة في مختلف مناحي الحياة .
الجدير بالذكر أن المتحف الوطني الأردني يتبع الجمعية الملكية للفنون الجميلة التي تجد الدعم الكبير من الدولة ومن القطاعات الخاصة والأفراد في وقت لا زالت فيه الجمعية السعودية للفنون التشكيلية التي تأسست بقرار من وزارة الثقافة والإعلام تنتظر دعماً رسمياً ثابتاً، لعلها في حال وجود هذا الدعم تقوم بالمهمة وتأسس متحفاً لإبداعات ابناء الوطن يسجل فيه للتاريخ وللأجيال القادمة ما للعطاءات الإنسانية الإبداعية من اهتمام يمثله ما يضمه المتحف من أعمال.
monif@hotmail.com