بالأمن والاستقرار ورغد العيش يصبح النمو السكاني ذا نسبة كبيرة كأمر طبيعي وبالتالي تزداد أعداد الناس المراجعة للمصالح العامة في الوطن، فماذا إذا كانت وزارة الخدمة المدنية أوقفت إحداث وظائف جديدة منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً؟..
أي أن جيلاً كاملاً من البشر في هذا الوطن خرج للدنيا دون توفر وظائف حكومية.
لقد كان الوطن في حاجة لسواعد أبنائه لملء الوظائف المهنية والصناعية والزراعية والتقنية وحتى التجارية، وقد أنشئت بالفعل المعاهد والكليات المتخصصة لذلك ولكن كثيراً من هذه المهن أصبحت اليوم من نصيب العمالة الوافدة، وفي المقابل تكدست الأعداد الوطنية العاطلة عن العمل من الجنسين.
لم يكن القطاع الخاص سلبياً كما قد يبدو لكن القطاع الخاص له خصوصيته، والمهن تحتاج إلى حس مهني وعملي،
ربما لا يتأتى للمواطن بشكل كامل طالما هو منغمس في بيئته ومجتمعه، حاله هنا حال كل البشر بما فيه العامل الوافد في هذا القطاع الخاص، فهو قد خرج من مجتمعه لهدف مستغلاً فرصة لا تتحقق له لو بقي في بلاده، ولو افترضنا العكس فإن المواطن السعودي ربما يكون أفضل من هذا العامل الوافد، بيد أن لمناخ وطقس المحيط الاجتماعي تأثيراً ظاهراً على العملية والإنتاجية، وكلما كان العامل والمنتج متخلصاً من جواذب ما هو خارج ورشة العمل كان أكثر عملية وإنتاجية.
المنطق يقول إنه كلما نما عدد السكان نمت وظائف القطاع العام لتسيير أعمال وتحقيق مصالح هذا النمو وإلا أصبح لدينا تكدس في أعداد المنتفعين من خدمة لا تتسع لهم،
وربما هذا ما نشاهد صوراً له في حالات تكدس المراجعين أمام بعض المصالح الحكومية خاصة وأن استخدام الحاسوب والشبكة الإليكترونية في كثير من الأجهزة العامة لم يسد عجز النقص في الوظائف بل ربما ألجأت هذه المعضلة بعض الأجهزة العامة إلى ابتداع طرق غير مباشرة للتوظيف، ولكن بشكل قد نختلف في وصفه ولكنه ذو وجهين متداخلين.
الوجه الأول هو الاستفادة من حاجة راغب الوظيفة للعمل وتوظيفه حسب بنود مخترعة برواتب متدنية جداً لا تتوازى أو تتماثل مع السلم الوظيفي لدى وزارة الخدمة المدنية.. والوجه الآخر هو الاجتهاد نحو مواجهة النمو السكاني بزيادة عدد الموظفين ولكن بطريق لا يمر ولا يتقيد بعدالة السلم الوظيفي،
وهذا ربما أتى بنتائج مؤلمة، لعل أهمها تدنٍ في نسبة مستوى المعيشة للفرد وتقلص في حجم الطبقة الوسطى.
اعتقد أن التوجيه نحو القطاع الخاص من خلال إغلاق وظائف القطاع العام ليس بالحل الأمثل لما له من تأثيرات سلبية في كثير من الجوانب، ولكن الأمر يحتاج إلى خلق توازن بين الحاجة والقدرة،
أما إن كان ولابد فإن الحاجة تدعو وزارة الخدمة المدنية أن ترجح ميزان وقف استحداث وظائف جديدة بمرجح آخر هو تسهيل بل وإغراء أصحاب الخدمات الطويلة بالتقاعد.
Hassan-alyemni@hotmail.com