Al Jazirah NewsPaper Monday  28/12/2009 G Issue 13605
الأثنين 11 محرم 1431   العدد  13605
فلسفة الرزق، وحُظوظ الكُسالى!
ماجد بن ناصر العُمري

 

قام المدرِّب بتوزيع 10 أوراق صغيرة لكل متدرب، مكتوبٌ على كل ورقة عبارات مثل «الغنى، راحة البال، الصحة، المصداقية وغيرها» وطلب من كل واحد منا أن يفاوض الذي بجانبه على استبدال أي ورقة يريدها بورقة أو عدة أوراق لدى المتدرب الآخر، وكانت تتضمن مجموعة قيَم، يهدف من خلالها إلى أن يكشف لكُل واحدٍ منا ما هي أهم القيَم التي يحملها والتي تُحرِّكه في حياته وعمله.

والسؤال، إذا كانت القيَم هي المُحرِّك الرئيس لنا، فلنتساءل عن مفهوم الرزق والقيَم الحاكمة له بالنسبة لنا، وما هو المعنى الحقيقي للرزق؟ وهل محصورٌ بالمال فقط؟ وهل هنالك فرق بين الحظ والرزق؟ وماذا عن الفرصة؟ وإذا كانَ رزقُ الإنسان مُحدداً بالهَلَلة من قبل أن يُولد فلماذا يعمل؟

يُعرّف الحظ بمعادلة رياضية تقول: «إن الحظ يُساوي 1 بالمائة فرصة و99 بالمائة جُهد وعَرَق جبين».

والحقيقة أن قضية مصدر الدخل تشكل الهاجس الرئيسي الأكبر لدى أكثر الناس في العالم، سواءً من خلال التجارة أو الوظيفة أو غيرها!، ومن أكثر ما يهمهم من القرارات الحكومية هي ما يتعلق بالجوانب الاقتصادية.

يقول أحد الفلاسفة: «كم تعجبت من قلق الناس على نقص أموالهم، رغم أنهم لا يفعلون ذلك إذا نقصت أعمارهم!» ويقصد بذلك ضياع الأوقات بدون إنتاج وعطاء حقيقي.

ولقد تأملتُ شخصياً في القيَم والقناعات التي يحملها الكثيرون من الخاملين والكسالى، فوجدتهم يشتركون في القناعة بأن جميع الأثرياء أُناسٌ محظوظون، ويظنُّون أنهم قد حصلوا على رزقهم دون فعل الأسباب، أو كأنَّ الرزقَ يأتي هكذا مُصادفة!

والحقيقة أن ذلك مما شغلني تحليله كثيراً، ولقد بحثت وقرأت وتأملت في أقوال العلماء والمفكرين من المسلمين ومن غيرهم من علماء الإدارة، ووجدت «أن الرزق المكتوب مربوطٌ بالأسباب»، كأن يكون مثلاً: «كتبَ الله أن يحصل فلان على مبلغ كذا أو وظيفة كذا أو شهادة كذا إذا عَمِلَ كذا».

وذلك وفقاً لقوانين كونية ثابتة سنّها الله {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} الآية، وكُلنا نؤمن بقانون الجاذبية فلو أنَّكَ تركتَ القلمَ الذي بيدك فإنه حتماً سيسقط على الأرض، وللرزقِ قوانينٌ أيضاً.

فمثلاً الشكر سبب في الآية {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} والتقوى سبب في الآية {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} والأحاديث المتعلقة بالإتقان أو بصلة الرحم وغيرها، ولكن ذلك يستوجب أيضاً فعل الأسباب المؤدية للنتائج من خلال العلم الحديث المبني على الخطط المستندة للمعلومات والدراسات والموارد والخبرات والإتقان والمهارات عبر الوسائل المؤدية أخيراً لتحقيق الأهداف والنتائج.

ولكن، ما الذي يجب علينا فعله أولاً؟.

فلو تأملنا في الآية الكريمة {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} وكذلك الآية التالية {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}.

يتضح لنا الجواب، أنَّ فِعل الأسباب أولاً، ثم يأتي التدخل الإلهي أي «الرزق والتوفيق والبركة، ولاشك فعل الأسباب من الرزق أيضاً» ومن أرادَ أن يحصل على رزقه وأحلامه وهو نائم، فليفعل، وحتماً سيحصل على رزقه المكوَّن من «النوم والكسلَ» فقط لا غير!.

كاتب ورجل أعمال


majed@alomari.com.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد