Al Jazirah NewsPaper Monday  28/12/2009 G Issue 13605
الأثنين 11 محرم 1431   العدد  13605
بين قولين
تَبخُّر الخمسة
عبد الحفيظ الشمري

 

حينما تقارن بتلقائية بين الدخل الشهري والمشهد الاستهلاكي لدينا حتماً ستتعجب من تباينهما، وتباعد المسافة بينهما، فالدخل قليل في مجمله، وأسعار المواد مرتفعة، وفاتورة السلع ملتهبة، فقد يعتريك الذهول، وأحياناً لا وقت لدهشتك أن تفعل شيئاً، لأن هناك قائمة طويلة من المدهشات المؤلمات المبكيات، المعبرات عن قصص عجيبة في حياتنا اليومية، فربما أقساها وأقواها تأثيراً وحضوراً في الوجدان، وفي الخاطر المكسور جداً أن جل الموظفين والعمال والمستخدمين والمتقاعدين يرقبون بتوق ولهفة قدوم الدفعة الثالثة من زيادة بدل (غلاء المعيشة) وكأنها تحول نوعي كبير في حياة (المعاش) وأهله.

وليس غريباً أن تتلهف هذه الفئة الكادحة من العاملين والمتقاعدين وذويهم وأسرهم، إلا أن الغريب والمثير للدهشة أن هناك من ينتظر هذه الزيادة أيضاً وهم التجار وأصحاب المحلات والبائعين ليرفعوا الأسعار إدعاء بأنه تماشياً مع رفع الرواتب أو البدل وعلى عينك يا رقيب، وعلى مرأى ومسمع وزارة التجارة التي باتت مجرد ظاهرة صوتية تجلجل بالوعيد والنفي والتحفظ على تصرفات التجار وأصحاب الوكالات التجارية، فلا تلبث إلا أن تخمد.

فالبلاء الذي يصيب المستهلك المسكين هو أن الوكيل التجاري لكل سلعة وحده من يقرر في أمر السلع وجودتها وأسعارها، بل ويمكن له أن يضرب بعرض الحائط أي قرار أو توجه لحماية المستهلك، أو أي جهة تقوم على محاولات حفظ أبسط الحقوق لهؤلاء الذين لا زالت تصيبهم الدهشة تلو الأخرى بسبب قرب موعد هذه الزيادة المتواضعة (بدل المعيشة) حيث تطمع هذه الشركات والوكالات والمؤسسات القائمة على الجشع والمادية في الاستحواذ على كل ما لدى هؤلاء البسطاء من سيولة بسيطة، كل هذا يحدث وصاحب القرار إما عاجز عن فعل أي شيء، أو أنه منغمس بشؤونه الخاصة ولا يعبأ بمصير أحد.

بات البعض هذه الأيام يَدَّعِي وعلى الملأ وأمام الجميع بان الزيادة الجديدة في أسعار المواد الغذائية تتناسب مع الزيادة في الرواتب، ومصدر هذا الإدعاء أنهم لم يجدوا أي جهة تردعهم، بعد أن ثبت فشل هيئة حماية المستهلك التي لم يعد بوسعها أن تفعل شيئاً ولم يأت البديل المناسب لها لعله ينقذ ما يمكن إنقاذه ليوقف هذا التصاعد غير المسبوق في أسعار هذه السلع الضرورية للمواطن الذي غمرته قبل ذلك ديون الأقساط، وخسائر المضاربات والأسهم. نذكر أن الظاهرة الصوتية لوزارة التجارة علت عندما ارتفعت أسعار المشروبات الغازية حينما طالبتهم بمبررات وشرح أسباب هذه الزيادة إلا أنها سرعان ما لاذت بالصمت والتواري والغفوة انتظاراً لما سيأتي من مبررات حتما ستساق وهي منحازة إلى التجار والموزعين وأصحاب الوكالات الذين لا يعبؤون بأي جانب إنساني، أو ضمير حي، فطالما أنها في الكسب و(البيزنز) فلا مانع من فعل أي شيء، ومن ضمنها التوقيت لنسبة بدل غلاء المعيشة الذي بات نقمة وكان من قبل نعمة والله المستعان.



hrbda2000@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد