اليوم أروي لكم عبر هذا المقال قصة رواها الدكتور طارق السويدان وأصابتني بالذهول الشديد.. القصة كانت كالآتي..
(ولد السيد عادي بطريقة عادية، في بيئة عادية، ونشأ وترعرع ودلف مدرسة عادية، وكان يحصد نتائج عادية آخر العام، انتقل بين مراحل الدراسة بتسلسلية عادية، وتخرج من الثانوية بنسبة عادية، وانتسب بعد ذلك لجامعة عادية وقسم عادي أيضا ً, وتخرج من الجامعة بنسبة عادية، فعمل بوظيفة عادية في مؤسسة عادية وترقى بطريقة عادية، وتزوج بعد ذلك زوجة عادية وأنجب أطفالا عاديين، وتقاعد بعد مرور السنوات بطريقة عادية وعاش شيخوخة عادية وتوفي في نهاية مطاف حياته بطريقة عادية!.)
القصة قد تبدوغريبة ومبهمة ولكن المذهل والمرعب في تلك الحكاية أنها تتكرر وتحدث مع 98 % من البشر، و2 % فقط هم أناس غير عاديين مؤثرين وقادة وصناع قرار ومصير وتاريخ.
حقيقة بحجم ما شعرت بالدهشة شعرت أيضا بالألم من ضخامة النسبة التي جعلتني أتساءل لماذا يحيا أكثرية البشر في ظروف وحكايات متشابهة لا اختلاف فيها سوى المكان والزمان والاسم !.
ولماذا قلة قليلة من البشر تتربع على القمة وتؤثر على العالم والشعوب وتسطع في سماء الكون كنجوم ساحرة ؟؟
وهل هناك خطة أوإستراتيجية سرية ومميزة يسير عليها هؤلاء المؤثرون تجعلهم يسطرون التاريخ ويصنعون التغيير ويطلقون واختراعات واكتشافات ونظريات وقصائد وحكم وآراء تقلع من عقولهم الفذة وتحلق في فضاء الكون عبر العصور.
بحثت وتأكدت أن الإجابة قد تكون : نعم.. وأن هناك فعلا ً نقاطا مشتركة وحبلا سريا خفيا يربط هؤلاء العظماء والمؤثرين ببعض.. صفات وقناعات تتكرر لدى المؤثرين والعظماء بشكل مثير وإيجابي.
ومن أهم ما يشترك به العظماء في بداية مسيرتهم هوالقراءة وعشق الكتب والانكباب على الاطلاع والقراءة في شتى المجالات حتى أضحى لهم أفق أوسع وأرحب أخرجهم من دوائرهم الضيقة إلى العالم الواسع.
وبالطبع العظماء هم أصحاب قضية وهم من يؤمن أن لا قيمة للحياة إذا لم نجد شيئا نناضل من أجله كما أنهم يتحلون بالعزيمة والاجتهاد والطموح الذي لا حد له والتخطيط وعدم الاعتراف بالفشل بل شرف المحاولة والتعلم وبذل الغالي والنفيس في سبيل الوصول إلى الهدف ولا شك الإيمان العميق به والشعور أنك تستطيع بل وتستحق الحصول والوصول له.
فكما يروى أن الملك عبد العزيز - رحمه الله - وهو (صقر الجزيرة) ومؤسس هذا الكيان الراسخ، كان يجلس على تلة قصية ويراقب نجد والرياض كل ليلة ويحدث نفسه ويقول إنها لي وبالفعل حصل عليها وها هي اليوم عاصمة حلمه وقلب طموحه. فهؤلاء هم أهل القمة وتلك هي صفاتهم.. يقول الدكتور (إبراهيم فقي) (حتى تكون من أهل القمة لا تتكلم أي كلام والسلام، لا تصاحب أي صاحب والسلام، لا تأكل أي أكل والسلام، لا تدرس أي دراسة والسلام، لا تتوظف أي وظيفة والسلام، لا تتزوج أي زوجة والسلام والأهم من ذلك لا تكن إنساناً والسلام).
فإذا ارتضيت أن تحيا بين زحام العاديين ستحيا وتموت عاديا بلا أثر وستكون رقما في هذا الكم الهائل من البشر العاديين.
إذا أردت الوصول إلى القمة فامسح وألغ كل مصدر يحطمك ويهمشك ويخذلك وينكرك ويثبط من عزيمتك فلست مضطرا ً لإحاطة نفسك بهؤلاء الذين لن يقدموا لك سوى النقد الجارح والإهانات والملل فنقائص العظماء عزاء التافهين !.
أخيرا ً.. نحن على أعتاب سنة جديدة، أدعوك عزيزي القارئ أن تدون أهم المواقف التي مررت بها خلال العام الماضي وماذا استفدت منها وما هوالعائق أمام تحقيق أحلامك، وأيضا اكتب أحلامك وأهدافك للسنة المقبلة وعلقها أمامك وشاهدها وهي تتحقق.. بتوكلك على الله وبإصرارك وإيمانك بها.
ابدأ بالتخطيط الآن ولا تنتقص من نفسك ومن قدراتك، فبعض النظريات تؤكد أن طاقة الإنسان الواحد كفيلة بإمداد مدينة كبيرة بالطاقة لمدة أسبوع، كما أنك بالفعل تتجدد سنوياً (رغماً عنك)، إذ إن خلايا جسمك لا تمر عليها سنة إلا وقد جُددت بالكامل، فإذا كان جسمك يتغير، فهل ترى في ذلك دلالة على أن عقلك وأفكارك هي أيضاً بحاجة إلى التغيير؟! العظماء والبشر غير العاديين كانوا يخاطرون ويخططون ويرسمون خرائط للوصول لأهدافهم وبالفعل وصلوا إليها فكانت حكاياتهم وإنجازاتهم نورا وضوءاً وإلهاما يغمر البشرية. فالنجاح والعظمة لا يأتيان بلا مقابل ولا يكتسبان بلا جهد فبقدر ما نبذل تُقدّم لنا الدنيا وبقيمة ما ندفع نشتري نصيباً من لذة المجد والتأثير.
****