Al Jazirah NewsPaper Sunday  27/12/2009 G Issue 13604
الأحد 10 محرم 1431   العدد  13604

أتعَبْتَ مَنْ بعدك أيها الأمير

 

لم تكن تلك الزيارة الميمونة التي قام بها رجل المبادئ وصاحب المهمات وسلطان الخير إلا حدثاً تاريخياً وموقفاً أبوياً ودافعاً معنوياً وشعوراً أخوياً يحمل بين طياته العديد من الدروس والعبر والمعاني والسير، وذلك لأصحاب العقول أو مَنْ كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. ولم تكن تلك اللفتة الأبوية الكريمة إلا دليلاً على حرص سموه ووفائه وقلبه الكبير واعتزازه بأولئك الرجال الذين قدَّموا أرواحهم وأنفسهم في سبيل خدمة هذا الدين وهذا الوطن العزيز.

وطن تجمع بالعقيدة شمله

وأقيم منه على الهدى البنيان

وطن عباءته الشموخ وثوبه

ثوب الإباء ودرعه الإيمان

نعم.. إنَّ زيارة سمو ولي العهد - حفظه الله ورفع قدره وأعلى منزلته - لرجال الوطن وحماة الدين وجنودنا البواسل المصابين في مستشفى القوات المسلحة له أثر طيب في نفوس أولئك الأبطال، كيف لا وهو الزائر المصاب!! إن لسان الحال ليتعجب من ذلك الأمر العجيب الذي قام به سموه الكريم من خلال تلك الزيارة وهو في أمسّ الحاجة للزيارة لما أصابه من مرض وبأس وعانى من المرض ما قد عاناه.. ولكن هذا لسان حالي وحالك، أما لسان حال سموه فيقول: كيف يهدأ لي بال أو يقرّ بي قرار ورجالنا وأبطالنا حماة الدين والوطن ينزفون ويشتكون ويبكون من تلك الحادثة والحرب الغادرة التي أصابت وأذهلت القريب قبل البعيد؟.. إنه القلب الواحد والجسد الواحد والشعب الواحد، مقتدين بهدي المصطفى عليه الصلاة والسلام في قوله: (مَثَل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).

لله درك أيها الأمير.. فقد أتعبت الأمة من بعدك، ففي اليوم الثاني من عودته لم يهنأ سموه ولم يقرّ له قرار حتى يزور أولئك الرجال المصابين ويقبّل رؤوسهم ويرفع معنوياتهم ويواسيهم ويؤنسهم ويحادثهم ويذكرهم بالصبر والفوز بالجنان، وأنهم على ثغر عظيم؛ لأنهم يدافعون عن هذا الدين وهذا الوطن الغالي..

عُد حيث كنت ولي عهد

قلبه مستبشرٌ يسمو به اطمئنان

نعم إن زيارة سموه لرجال الوطن كان لها دافع عظيم في نفوسهم، بل رفعت من معنوياتهم وأزالت عنهم الهمّ والغمّ، وأنستهم المرض والسقم.. لِمَ لا وهو الرجل الكريم وصاحب القلب الرحيم رجل الإنسانية وسلطان العز والمحبة الذي يُقتدى به في مثل هذه المواقف، هذا هو الحب وهذه هي المبادئ التي من شأنها رفع الله منزلته.

إن القلب ليعجز عن تعبير المشاعر ويظهر الخفايا ليترجم ما يلج في النفوس تجاه هذا الرجل العظيم وما يحمله من محبة في قلوب شعبه الذي أحبه.

لقد استبشر الوطن من أدناه إلى أعلاه بقدوم سموه، وفرحوا بعودته سليماً معافى بعد رحلة علاجية طويلة وقد رسمت إطلالة سموه البسمة على الشفاه منذ وصوله إلى أرض الوطن.. لِمَ لا وسِجِلّه حافل بالخير والعطاء في شتى المجالات.

ما جئت أنت وإنما جاء الرضا

لما أتيت وغابت الأحزان

نعم.. إنَّ عظمة الرجال هي التي تعطي تلك المواقف قيمتها التاريخية والإنسانية، وما سلطان الخير إلا كنفس وقلب أحق أن يكون ذلك الرجل المليء بالعطايا والمزايا، ولا أحد ينكر أو ينسى أو يتجاهل تلك المواقف التي قام بها سموه في جل الأحداث القريبة أو البعيدة، وها نحن اليوم نعيش بين قواتنا المسلحة التي تسير على منهج قويم بعقيدة سليمة ونظام سليم وحكومة رائدة وقوة من القوى العاملة لما تشهده من مكونات عسكرية لها مجالات متعددة، وقد تطورت تلك الجيوش في زمن قياسي وأصبحت من القوات الأساسية التي تواجه التيارات والعواصف العدوانية لما تملكه من قوة بشرية وطائرات حربية ودبابات وأسلحة حديثة متطورة تواجه تلك الإعصارات والاعتداءات الآثمة من قبل عصابات متمردة لحفظ أمن هذه البلاد المباركة. كل ذلك وأكثر تحت ظل قيادة رشيدة وسياسة حكيمة بمنهج سليم وعقيدة راسخة.

وطن تُبادله النجوم ضياءها

ألقاً ويسقط دونه العدوان

وهذا قليل من كثير مما تم إنجازه وتطويره من قبل صاحب الأيادي البيضاء - حفظه الله ورعاه -. كل الاحترام والتقدير لك يا سمو الأمير على تلك الجهود والمواقف والأوقات التي دامت بالخيرات وعزت من قدرات الجيش السعودي ومن هذا الوطن الغالي.. سدد الله على الخير خطاك، ورفع منزلتك وأعلاك، وألبسك لباس الصحة والعافية، ودمت غالياً لقلوب محبيك.. آمين.

منصور بن عبدالعزيز العجيان

أمين مكتبة الشؤون العامة للقوات المسلحة

الأبيات الشعرية من شعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد