لايمكن لأي ناقد أن يُقدِّم حلولًا لأي قضية تَعْرض له إلا وفق نظرة شاملة متفحّصة دقيقة، ترى الأمور بمرأى حياديٍّ وبموضوعيّة، مع عدم إغفال العوامل المحيطة بأيّة مشكلة التي قد تكون سببًا رئيسًا في إنماء المشكلة أو حتى في أصل وجودها. ومن المشاكل التي لا نكاد نجد لها حلًا، هي مشكلة التحكيم المحلِّي التي نُتبعها غالبًا بوصف (الأزليّة) كناية عن توارث هذه المشكلة منذ انطلاق المنافسات الرياضية. وقد نتفق على أن الهجوم الكاسح على الحكم السعودي له مايبرره أحيانًا، مع عدم الاتفاق على اللغة المستخدمة في الهجوم من تعريض بشخص الحكم أو محاولة إهانته أو الدخول في ذمته، مع يقيننا أنه في أحايين أخرى بات التحكيم (مشجبا) يعلق عليه بعض مسؤولي الأندية أخطاءهم، وفشل مخططاتهم، وسوء اختياراتهم.
إذن فإن نظرتنا وانتقادنا للحكم من خلال أدائه داخل الملعب دون النظر إلى ماقبل ذلك من تهيئة سبل نجاحه وتطويره هو إجحاف بحق هذا المواطن (الحكم) ! وقد شاهدت تقريرًا حول تدريبات الحكام في منطقة الرياض وتحديدًا في ملعب (الصايغ) وكيف أنهم يستبدلون ملابسهم في سياراتهم ! وبعضهم يعلقها على (سياج) الملعب ! هذا بخلاف الأرضية السيئة للملعب غير الصالحة لإقامة التدريبات، مع عدم وجود نادٍ صحيٍّ، وفوق كل هذا فإن الحكام يستقطعون من مكافآتهم (عشرة) ريالات لتأمين مياه الشرب بعد التدريبات ! وكان ذلك المنظر مخزيًا محزنًا، فلم أجد وصفًا ينطبق على لجنة التحكيم بعد ذلك إلا (لجنة البؤساء) فأي تحكيم سينجح، وأي تحكيم سيتطور، وهذا حالهم في (العاصمة) القريبة من (لجنة الحكام) ولجنة (مراقبة الحكام وتطويرهم) ! وقد خرج الأستاذ عبدالله الناصر بعد عرض التقرير وبدل أن يدفع بالحقيقة، ويعترف بالقصور والتقصير، خرج مستميتًا نافيًا كل ماورد في التقرير، وجعل قضيته في الحوار أن في ملعب (الصايغ) حجرتين وليست حجرة واحدة كما ورد في التقرير. وسواء كان في الملعب حجرة واحدة أو عشر حجرات، فإن من الواضح أنها لم تهيأ بشكل جيد، وإلا فما الداعي لأن يُغيِّر الحكام ملابسهم خارجها ؟! هذا لو افترضنا جدلًا وجودها، أما الماء الذي يُوفره الحكام بجهود شخصية، ويُقتطع من مكافآتهم وهو من أبسط حقوق أي إنسان فضلًا عن حكم تم رصد ميزانية لمثل هذا، فلم يُعقِّب عليها سوى إقراره بوجود ميزانية مخصصة لذلك، ولعل اللجنة في صدد حفر بئر لتوفير هذا الماء (المستعصي) توفيره في قادم الأيام !
ما أشبه الليلة بالبارحة
عندما يأتي ذكر الهلال فإن الكلمة للتاريخ الذي يجد أن هذا الفريق خير مؤنس له. فهو الفريق الوحيد الذي وُلد وفي (فيه) بطولة، فقد حقق بطولته الأولى وهو مازال يحبو، حقق بطولته الأولى وهو في سنته الرابعة، كإنجاز غير مسبوق ولا متبوع ! فلا غرو أن ينشأ بعدها في كنف البطولات، وتصبح البطولات والهلال وجهان لعملة واحدة، فكلمة بطل تعني الهلال، وكلمة الهلال تعني بطلا؛ لتندمج الكلمتان وتختلط حروفهما ممزوجة ببطولات وإنجازات لا تليق إلا بهذا الفريق، ليكون ناتج ذلك المزيج أو الخليط مُسمّى (الزعيم).
قبيل مباراة الزعيم مع شقيقه الوحدة، عاد التاريخ ليتحدث عن مجد طأطأ هامته ليعتليها الزعيم نحو القمة، وعندما يتحدث التاريخ ؛ تنطق الحقيقة، و لا مجال لغير الحقيقة!
في لقاء 1410ه قبل عشرين عاما، تقدم الوحدة وبهدف لاعبه (محمد نويرة) وعادله الهلال بهدف الرمز (سامي الجابر)، في ذلك الدوري حقق الهلال ماعجز عن تحقيقه منافسوه، فلم يلج مرمى حارسه (خالد الدايل) سوى ستة أهداف، وظل هذا الرقم صامداً ومنذ عشرين عامًا، في ذلك العام أيضًا ولد الرمز العالمي (سامي الجابر) ليسحب البساط من بقية النجوم آنذاك، مغيرًا الفكر الرياضي؛ وليدخل مفاهيم جديدة لم تكن مألوفة من قبل بأن المهاجم لايكتفي بالتسجيل، بل يصنع ويسجل ! في ذلك الموسم صنع عشرات الأهداف، وسجل ستة عشر هدفاً ؛ ليتربع على القمة، ويقول التاريخ مبتسمًا (ولد الهلال بطلًا، وولد سامي مثله !) في ذلك الموسم خرج الهلال بخسارة وحيدة من فريق الطائي، وحق له أن يلقب ب (صائد الكبار) وكان من الممكن أن يخرج الهلال بلا خسارة لو وفق اللاعب (حسين الحبشي) من تسجيل ركلة الجزاء في آخر دقائق المباراة !
حدثني التاريخ بعيد مباراة الهلال مع الوحدة يوم الخميس الماضي فقال (أنا أعيد نفسي) هكذا اقتضت الحقائق، إلا أني مع (الزعيم) أواجه استثناء، فرغم التشابه في موسمي 1410هـ وهذا الموسم إلا أن الزعيم يأبى إلا أن يصنعني، فيتبعه الآخرون (هكذا فعل الزعيم) لتكون بعد ذلك قاعدة مطردة، برهنها الزعيم، وسَعَت الفرق للانضواء تحتها ! هكذا كان حديث التاريخ، وللتاريخ مع الزعيم بقية..
آخر حتى
أحرامٌ على بلابله الدَّوحُ
حلالٌ للطير من كل جنس ؟!