رغم التوجس والسحب الداكنة في سماء الأحداث الدولية والإقليمية، إلا أن هذه السحب بإطلالة العام الجديد هطلت ببشارات الخير على هذا الوطن العزيز وأبنائه الأبرار، وكانت أولى هذه البشارات وأكثرها سروراً هي عودة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام لأرض الوطن ولمليكه وشعبه الذي يحبه سليماً معافى من رحلته العلاجية التي دامت عاماً.
كانت عودة سلطان سحابة خير هطلت بفرحة قلوب أبناء شعبنا وأمتنا.
وتأتي الميزانية الجديدة 1431 - 1432هـ لتكون أكبر سحب هذا العام حجماً وفيضاً وخيراً، فهي أكبر ميزانية في تاريخ المملكة بقيمة 540 مليار ريال بزيادة 65 ملياراً عن العام الماضي، منها 137 ملياراً للتعليم العام والعالي و61 مليارا للصحة و24 للنقل، ونتج عن ذلك انخفاض بنسبة الدين العام 13% وارتفاع الناتج المحلي 16% مع رصد 260 ملياراً لبرامج ومشروعات جديدة منها إنشاء 8 مستشفيات.
والحقيقة أن هذه الميزانية بأرقامها الصريحة تأتي تحدياً لكل الظروف المحيطة دولياً وإقليمياً لتؤكد ثبات المملكة في خطواتها التنموية وفق ما أكده مليكنا المبارك في كلمته بمجلس الوزراء بقوله: (...هذه الميزانية استمرار لتعزيز مسيرة التنمية المستدامة في بلادنا الغالية على الرغم من الظروف الاقتصادية الدولية التي أدت إلى انخفاض أسعار البترول، ويؤكد المليك أن الهدف الأهم من الحركة التنموية لهذه الميزانية توفير المزيد من فرص العمل للمواطنين).
ثم كانت بشارة القضاء على فتنة المتسللين المعتدين عبر حدود المملكة مع اليمن الشقيق، وقد أثبتت قيادتنا السياسية حكمة في التعامل مع مسببات هذه الفتنة إقليمياً بصمت ودون انسياق وراء التصريحات والحرب الكلامية، وفي الوقت نفسه تعاملت قيادتنا العسكرية بحزم، وخاض جنودنا البواسل معارك بطولية مع مجموعات تعتمد على الكر والفر وليس مع جيش نظامي، ورغم الصعوبة التي تواجهها الجيوش النظامية في مثل هذه الحروب إلا أن قيادتنا العسكرية تنبهت لذلك وأعدت له عدته، وتم دحر تلك الفلول والشراذم وإسكات نيرانها وإعادتها إلى ما وراء الحدود.
وقد أيدتنا الشقيقات العربيات ودول العالم التي تحترم القوانين الدولية في حقنا في الدفاع عن حدودنا من اعتداء وقع على اليمن الشقيق لا يزال إلى الآن يقوم بالتصدي له وتصفية آخر جيوبه.
لهذا يحق لنا أن نستبشر بهذا العام الذي أقبل علينا بهذه الخيرات، وأن نحمد الله ونثني عليه بما أفاء علينا من فضله، ونسأله ضارعين أن يوفق مليكنا الهمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز ونائبه الثاني الأمير نايف بن عبدالعزيز - حفظهم الله جميعاً - وكل قيادتنا الحكيمة المحاطة بثقة شعبنا الوفي لكل ما فيه خير هذا الوطن وخير هذه الأمة المسلمة، ليظل هذا الوطن المقدس معقل الإسلام ومناراً للسلام وداعية للحق والخير، وداحراً لقوى الظلم وللبغاة المعتدين (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ) ولا غالب إلا الله.