د. حسن الشقطي
احتفاء بموازنة العام الجديد 2010 تمكن سوق الأسهم هذا الأسبوع من الإغلاق عند مستوى 6244 نقطة رابحا حوالي 90 نقطة.. وقد سادت السوق حالة من الارتياح لأرقام ميزانية العام المنتهي 2009 والذي تمكن فيها الاقتصاد الوطني من إحراز انجاز بتقليص قيمة العجز الفعلي عن المقدر بنحو 20 مليار ريال.. أيضا فإن موازنة العام الجديد شكلت نوع من الحافز المرتقب لقطاعات سوقية عديدة خلال العام المقبل، وبخاصة في ضوء ارتفاع أو استمرار الارتفاع الكبير في حجم المخصصات لعدد غير محدود من قطاعات السوق.. ورغم أن البعض يعتقد أن عام 2009 كان مفعما بالاضطرابات التي أصابت سوق الأسهم بدءا بالأزمة المالية العالمية وانتهاء بأزمة مديونية دبي، إلا أن سوق الأسهم المحلي يوشك أن ينهي عامه على ربحية بحوالي30% مقارنة بخسارته لحوالي 56.5% خلال العام الماضي (2008م).. كما أن البعض يتصور أن سوق الأسهم يسير تجاه الأسوأ عند مستواه الحالي، إلا أن المدقق يلحظ أن حجم الاضطراب أو التذبذب سواء للمؤشر العام أو لأسعار الأسهم المتداولة قد انحصر كثيرا خلال عام 2009 عنه في عام 2008، وهو ما يدلل على أن سوق الأسهم ربما يكون قد أحرز استقرارا حقيقيا خلال عام 2009.. ونسعى في هذا التقرير إلى استعراض أهم مؤشرات عام 2009 للسوق ومقارنتها بمثيلتها لعام 2008..
تحسن الأداء الكلي لسوق الأسهم خلال عام 2009..
استمرارا لنهج هيئة السوق في إحراز مزيد من العمق السوقي، فقد استمرت الهيئة في طرح المزيد الشركات الجديدة لتضيف (10) شركات جديدة للسوق (شركتان منها في الطريق)، برؤوس أموال وصلت إلى 26.6 مليار ريال.. الأمر الذي ترتب عليه ارتفاع عدد الأسهم المصدرة من 39.5 في نهاية 2008 إلى 41.2 مليار سهم الآن.. هذا وعلى الرغم من تراجع القيم والكميات المتداولة من الأسهم خلال عام 2009، إلا أن القيمة السوقية الإجمالية قد ارتفعت من 924.5 مليار في نهاية 2008 إلى 1215 مليار ريال في نهاية هذا العام.. فحتى إذا استبعدنا قيمة الأطروحات الجديدة ، نلاحظ أن قيمة رسملة السوق قد سجلت ارتفاعا ملموسا بقيمة وصلت إلى حوالي 263.9 مليار ريال، وهو ما يعني أن الأداء السوقي ككل قد تحسن كثيرا في عام 2009 عنه في 2008.
الأداء القطاعي لسوق الأسهم والركود الاقتصادي العالمي..
تعتبر سنة 2009 من السنوات غير العادية في أداء القطاعات، فبعد سنوات طويلة كان يأتي فيها قطاع الخدمات على صدر قائمة القطاعات السوقية الأفضل أداء، بدأت القطاعات الصناعية الإنتاجية تنال نصيبها من الأهمية في حركة التداول وأولويات الاستثمار، حيث تصدر قطاع البتروكيماويات ثاني قائمة الأعلى ربحية (بعد قطاع التأمين) بربحية بلغت 68.3%، يليه قطاع الاستثمار الصناعي بربحية 55%.. في المقابل، فقد تراجع أداء قطاع البناء والتشييد، لدرجة أنه القطاع الوحيد الذي أحرز خسائر هذا العام، بخسارة بلغت 1.5%، ويعود ذلك إلى حالة الركود الاقتصادي العالمي الذي شهده هذا القطاع هذه السنة على المستوى العالمي وليس في المملكة وحدها نتيجة لتداعيات الأزمة المالية العالمية.
انخفاض معدل تذبذب المؤشر وتراجع معدل المخاطرة السوقية خلال عام 2009..
من الأمور التي ينبغي الإشادة بها في أداء السوق خلال عام 2009 هي التراجع الكبير في معدل التذبذب الذي كان يسجله المؤشر خلال عام 2008، وهو الإنجاز الحقيقي الذي يحسب لهيئة السوق المالية.. فالمؤشر تحرك خلال عام 2008 في مدى ناهز (7432) نقطة فيما بين 11697 (كأعلى قيمة) و 4265 (كأدنى قيمة) وهو يمثل مدى واسعا كان يتذبذب خلاله المؤشر كثيرا، وبشكل كان يسجل معه معدل مخاطرة عالية جدا، وتسبب ذلك في خسارة المؤشر لنسبة 56.5% وهو معدل كان يعتبر سقوطا وليس تراجعا آنذاك.. أما خلال عام 2009، فقد سجل السوق استقرارا ملحوظا، حيث تحرك المؤشر داخل مدى ضيق لم يتجاوز حدود (2511) نقطة صعودا وهبوطا، وهو مدى مقبول وكثير من الأسواق العربية تتحرك في مدى أوسع منه.. أي أن معدل التذبذب وبالتالي معدل المخاطرة انحسر كثيرا خلال عام 2009، وهو ما مكن المؤشر من تحقيق ربحية بمعدل30% هذا العام.
تراجع معدلات التدوير للأسهم خلال عام 2009..
أما أبرز النواحي الإيجابية التي سجلها سوق الأسهم خلال هذا العام، فهي تراجع ظاهرة تدوير الأسهم في السوق، حيث شهد معدل دوران الأسهم تراجعا ملحوظا من 2.1 في عام 2008 إلى 1.0 مرة خلال هذا العام (على أساس قسمة قيمة الأسهم المتداولة على رسملة السوق)، أي تراجعت ظاهرة تدوير الأسهم بمعدل وصل إلى 52.4%.. وهو ما يجعل التراجع النسبي في حركة التداول الحادث هذا العام شيئا محمودا لأن هذا التراجع قلص من دوران الأسهم.. وهنا تظهر ثمرة إصلاحات هيئة السوق، حيث أنها تمكنت من القضاء على ظاهرة التدوير بشكل قضت فيه على جانب من التداولات العشوائية التي لا عائد حقيقيا من ورائها، أو التي توصف بأنها لا تضيف للاقتصاد الوطني أي قيمة مضافة.
(*) محلل اقتصادي
Hassan14369@hotmail.com