الاستثمار الزراعي الخارجي لم يكن خيارا تفاضلياً، أو أنه اختير من بين فرص مماثلة متعددة، بل كان نتيجة فرضتها متطلبات إستراتيجية ناتجة عن معطيات باتت تشكل مساسا بالموارد المائية العذبة في دول الخليج.

لكن أي مشروع استراتيجي مهم وله علاقة مباشرة بأطراف خارجية وبدول بعضها يعاني من أزمة الجوع وضعف الأمن، والتقلبات السياسية المتسارعة، يجعل من الاستثمار في بعض تلك الدول أمرا يحتاج للكثير من العمل والتخطيط وله أبعاد متعددة ومتشابكة في بعض الأحيان.

ظهرت بعض الأصوات التي تستثير الرأي العام في تلك الدول من خلال ما يطرح حاليا في بعض وسائل الإعلام الأجنبية مما تسميه «الاستعمار الجديد» وان دول الخليج تتجه لاستعمار بعض الدول من خلال استغلال أراضيها الزراعية، وبالتأكيد أن مثل هذا الطرح (غير المنصف والمجافي للحقيقة) قد يثير الرأي العام في تلك الدول على الاستثمارات، وهو ما يستلزم إيجاد خطط إعلامية تفند تلك الادعاءات وتوضح ما يمكن ان تقدمه الشركات المستثمرة من إسهامات وخدمات للمجتمع المحلي في تلك الدول.

ومن المهم أن تعي الشركات المستثمرة أهمية توضيح الصورة للإعلام المحلي في تلك الدول، وهذا يتطلب عملا إعلاميا احترافيا بعيدا عن الدعاية، إعلام يرتكز على حقائق مقنعه، ويأخذ بالاعتبار المستوى الفكري والخلفية الثقافية لدى تلك الشعوب، فمن الصعب تغيير الصورة الذهنية إذا ما رسخت بقوة منذ البداية، وهذا ما لم تتنبه له الشركات المستثمرة حتى الآن، وهو الأمر الذي ستجد صعوبة بالغة في تغييره حينما تبدأ تشعر أن المجتمعات المحلية باتت فيما يشبه المواجهة معها.

من المؤكد أن لشركاتنا المستثمرة في الجانب الزراعي خارجيا جهودها في تطوير البنى التحتية وخلق مزيد من فرص العمل لأفراد تلك المجتمعات، ولكن يبقى من المهم ان تقدم تلك الصور إعلاميا بشكل جيد، وأن لا تعمد تلك الشركات على سياسية العمل بصمت لأن هذه السياسة ستفشل في ظل وجود مصادر تسعى إلى تشويه سمعة تلك الشركات وتأليب الرأي العام ضدها.