قبل أن نبدأ بهذا المقال يجب أن نعرف نظم المعلومات الجغرافية (Geographic Information System GiS) ويمكن تعريفها بتلك النظم المكونة من الأجهزة البرامج والمختصين والبيانات الجغرافية والإجراءات المصممة حيث نقوم من خلالها بإدخال وتخزين ومعالجة وتحليل وعرض كل أشكال المعلومات المرتبطة مكانياً واستدعاء البيانات سواء على شكل خرائط أو رسوم بيانية، مجسمات، صور، جداول أو تقارير وربطها بقواعد بيانات جغرافية وتكون النتيجة لتحقيق هدف معين. ويعتبر دور نظم المعلومات الجغرافية مهماً وفعالاً في عمليات التخطيط العمراني وأيضاً للتطبيقات الأخرى، وتقنية نظم المعلومات الجغرافية من التقنيات التي تعتمد عليها كثير من الدول المتقدمة في مراحل التخطيط لما تحتويه من معلومات جغرافية ذات قيمة كبيرة تعطي المخطط صورة واضحة في عملية التخطيط التي لها دور كبير في تجنب حدوث الكوارث الطبيعية. فجميع الكوارث التي تحدث في أنحاء العالم والتي تتكبد فيها البشرية خسائر في الأرواح والممتلكات إنما هي بسبب تغييب العوامل الجغرافية التي تعتني باختيار المكان المناسب للسكن. فالعملية التي تحدث من قبل المخططين الذين يعتمدون المخططات السكنية على الرغم من عدم مناسبتها للسكن، وذلك من خلال تغيير المعالم الطبوغرافية كإزالة الجبال ودفن الأودية وهذا يؤدي إلى كوارث لا يحمد عقباها مثل ما حدث في مدينة جدة. وما حدث في جدة هو تدفق كميات هائلة من مياه المطر المنقولة بوقت قصير جداً وزاد منسوب المياه في بحيرة المسك والتي تفجرت غضباً وراح الماء يجري بكل قوة من خلال مجاريه الطبيعية التي اصطدمت بالمباني التي شيدت بالمكان الخطأ ولم تصمد بوجه المياه وراح ضحيتها مئات الأشخاص وخلف الدمار الذي رآه الجميع بما فيهم أصحاب المخططات ومن معهم من الذين اعتمدوا تلك المخططات من قبل أمانة جدة. والسبب المؤدي إلى الكارثة ليس فقط البنية التحتية كما قال أحد الخبراء في هذا الشأن إنما السبب الحقيقي هو وجود المناطق السكنية في المواقع الخاطئة، فلم تستفد أمانة جدة من الدراسات الجغرافية السابقة في هذا المجال والتي تحذر من وجود المناطق السكنية في مجاري الأودية على الرغم من أن الأمانة من أوائل الأمانات التي أوجدت تقنية نظم المعلومات الجغرافية في تشكيل إدارتها. وعلى ذلك يعتبر وجود المخططات في تلك المناطق دليل على أن أمانة جدة لم تعط إدارة نظم المعلومات الجغرافية صلاحيات بالموافقة أو عدم الموافقة على اعتماد تلك المخططات نظراً لما تمتلكه من معلومات من خلالها يتم معرفة المناطق المحتملة لتعرضها للمخاطر الطبيعية مثل السيول وغيرها، ومن خلال تلك المعلومات التي يقوم مختص نظم المعلومات الجغرافية بدراستها وتحليلها والاستدلال بنتائجها لمنع حدوث الكارثة بإذن الله أو على الأقل التقليل من خطرها لحماية المجتمع. وفي نهاية هذا المقال أطلب من جميع أمانات البلديات في جميع المدن أن يضعوا في نماذج اعتماد المخططات فقرة لإدارة نظم المعلومات الجغرافية بأن الموقع مناسب أو غير مناسب للمخطط ويضعون أسباب عدم ملاءمته للسكن ليسهل على الأمين معرفة أن المخطط سليم وتكون المسؤولية على إدارة نظم المعلومات الجغرافية، وأتمنى أن يوفق الله جميع المسؤولين في اتخاذ القرار المناسب لمواكبة التطوير الذي يوجه به خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وأمد في عمره بالصحة والعافية.
* الحرس الوطني
e-mail: sshamar@hotmail.com