في دراسة علمية أشارت (الجمعية الأمريكية للإدارة) إلى أن نحو (اثنين وعشرين في المئة) من أرباب الأعمال قاموا بفصل قياديين عينوهم حديثاً، وتحديداً خلال الأشهر الأولى من استلامهم أعمالهم؛ ما يعد إهداراً لجهود المنظمات وتعطيلاً لمسيرتها، ووجدت (مجموعة مانشستر للاستشارات) أن أهم الأسباب: فشل هؤلاء في بناء فرق عمل (82%)، وعدم وضوح الرؤية (50%)، والافتقار لمتطلبات الذكاء الإداري وفَهْم طبيعة الصراعات داخل المنظمة (50%). (التدريب للقيادة 2006م - معهد الإدارة - مترجم - ص 306).
لتكن التكلفة كبيرة إذا كانت ستنتهي بالتغيير الفوري للقيادات غير الناجحة؛ ما يعد وفراً من جانب مواز لو ظل هؤلاء في مواقعهم دون أن يُعرف عنهم أو يُعبأ بهم، والسؤال الحاسم هنا: أين من هؤلاء مَنْ يظن الكرسي ممتلكاً خاصاً يترقى بين درجاته؛ فيطول حتى يلامس السماء، ويرى الناس صغاراً على الأرض؛ ليبدو المشهد الدرامي مليئاً بعلامات الحصار والانحسار؟.
يتورم الظانون أنهم خطوط وخيوط، ويسترخون أمام سطوة اللقب والنشب، ويعاني الفقير والضعيف والمسالم والخائف؛ فتكبر كرة الثلج المحشوة سواداً وفساداً، ولو حوسبوا لما حسبوا أنهم الرقم الوحيد في المعادلة.
هذه معضلة الإدارة العربية التي تغيب فيها الصلاحيات الرقابية؛ حتى باتت حكايات الغرب الذي يعزل مسؤوليه لهفوات نعدها مباحات فرصة للتندر؛ فالمقارنة قران المتناظرين لا المتناقضين، والمسافة الفاصلة لا تتيح مدى للأنظار فضلاً عن الاعتبار.
وفي عصر (ما بعد الحداثة الإدارية) بات (تقويم المسؤول) رهناً بالرضا عن مخرجاته ممن هم مستفيدون من خدماته أو تابعون لإشرافه؛ وهو ما يتصل بالتقويم من الأدنى للأعلى، دون أن يكتفي بنظرة الرؤساء لمرؤوسيهم، وهو مفهوم يتساوى مع المنهج الإسلامي الذي يؤكد على قيمة الأمانة التي أبتها السماوات والأرض والجبال، والخليفة الراشد أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - إداري (بعد حداثوي بامتياز) حين حمل شعار (وإن أخطأت فقوموني)؛ ما يشير إلى أن الخلل لدينا لا يعود إلى النظرية بل إلى التطبيق.
** كتب الكثيرون عن تجاوزات الإدارة وقالوا؛ فلا مزيد، ويبقى التغيير مهماً في القيادات التي أخفقت في فَهْم الرؤية، وتكوين فرق العمل، ولم تستوعب متطلبات الذكاء الإداري، وأقامت فطال مقامها، وليس أسوأ من المتنفذ إذ يسترخي فلا يخشى عتاباً بَلْهَ عقاباً.
الدروس الصعبة طريق.
Ibrturkia@gmail.com