يمثل التعليم العام منظومة متكاملة يتخللها عدد من عمليات التخطيط وبناء المناهج والإدارة والإشراف، ويعد تعليم الكبار والتعليم الليلي أو المسائي جزءاً لا يتجزأ من هذه المنظومة الكبيرة وهو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتعليم العام.
مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم مشروع طموح وكبير يهدف إلى جعل التعليم العام في المملكة العربية السعودية مواكباً لغيره من الأنظمة التعليمية في العالم، كما يهدف إلى تطوير مواهب وقدرات الطلاب والطالبات بما يتماشى مع العمليات التطويرية وبما يتفق مع البرامج العالمية الحديثة في النظم التعليمية المختلفة. ومحو الأمية وتعليم الكبار والتعليم الليلي لم يحظ بنصيب من هذا المشروع الكبير على الرغم من أهميته القصوى فهو يحتضن المواطنين الكبار من الذين لا يجيدون القراءة والكتابة ويسعون لتحقيق هذه القرائية ويحتضن من يكملون تعليمهم المتوسط والثانوي ليطوروا من مكانتهم التعليمية والوظيفية والاجتماعية أو ليستمروا في تعليمهم، وكثير من هؤلاء الاخوة حصل على الدرجة الجامعية ومنهم من حصل على أعلى الدرجات الجامعية العليا، عدم شمول هذا النوع من التعليم في مشروعات التطوير يجعلنا نعتقد أن هذه المرحلة التعليمية المسائية لا تدخل ضمن منظومة التعليم التي تعنى بها وزارة التربية والتعليم أو أنه قطاع مهمل ومهمش أو منسي - كما هي الصورة النمطية عنه - أو أنه لا يحظى بالأهمية نفسها التي يحظى بها التعليم النهاري خصوصاً أن الأمية لم تنتهِ من مجتمعنا بعد، حتى وان انتهت فنحن بحاجة إلى التعليم المسائي ليكمل منظومة التعليم العام من يكمل تعليمه ليلاً حتى ينهي المرحلة الثانوية فهو إنسان عصامي مكافح لديه رغبة حقيقية في إكمال تعليمه المتوسط أو الثانوي أو الجامعي، فكل التقدير والتشجيع والاحترام لهؤلاء المواطنين الذين خصصوا جزءاً مهماً من وقتهم المسائي الذي استقطع من الأوقات المخصصة لأهلهم وعوائلهم وأطفالهم وأمورهم الحياتية التي تُقضى في الفترة المسائية.
والحديث هنا يمتد إلى التعليم المسائي النسائي، حيث ينطبق عليهن ما ينطبق على الدارسين من الرجال بل إن تضحيتهن أكثر مما يبذله الرجال، فنحن جميعاً نعرف أوضاع النساء الأسرية وما تتطلبه الدراسة المسائية بالنسبة لهن من ترتيبات خاصة. كما أن هناك حاجة إلى النظر في قضية دمج الدارسات الكبيرات في المدارس الصباحية مع الطالبات صغيرات السن حتى وإن خصص لهن قاعات خاصة، فكثير من الدارسات تسربن نظراً للمواقف المحرجة التي يتعرضن لها مع الطالبات صغيرات السن وخصوصاً إذا كانت الأم وابنتها يدرسن في المدرسة نفسها.
وهناك حاجة أيضاً لتوسيع فرص الحصول على التعليم المتوسط والثانوي للنساء الكبيرات حتى يتمكنّ من إكمال تعليمهن الجامعي لمن يرغب منهن في ذلك، والمأمول أن تشمل عمليات التطوير جميع مراحل التعليم النهارية والليلية وأن يوفق الله القائمين على هذا المشروع لما فيه خير البلاد وخير الحركة التعليمية التي تعد المكون الأول لإنتاج الموارد البشرية، وعلى الله الاتكال.
