Al Jazirah NewsPaper Friday  25/12/2009 G Issue 13602
الجمعة 08 محرم 1431   العدد  13602
القصة في الدعوة
شاكر بن أحمد إمام *

 

تأمل أخي وأختي الداعية في قوله تعالى: {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}. الأمر من الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يقص القصص على مَنْ عنده كي يتفكروا في ذلك ويأخذوا العبر والعظات، وهذا ما طبقه صلى الله عليه وسلم في حياته؛ فقد أكثر من ذكر القصص فحدّث عن الأمم السالفة بل حدّث بالقصص الغريبة جداً مثل قصة الذئب الذي تكلم والبقرة التي تكلمت، وكان يسمع من أصحابه القصص كما ذكرت السيدة عائشة رضي الله عنها قصة طويلة تعرف بقصة أبي زرع، وكان صلى الله عليه وسلم يستمع إليها ويعقب عليها، وكذلك جمع الصحابة في المسجد لكي يستمعوا من تميم الداري رضي الله عنه قصة حدثت له كما في صحيح مسلم، وكان على هذا النهج أئمة الهدى منهم عمر بن ميمون الذي ذكر له البخاري قصة قرد زنا بقردة وغيرها من القصص؛ فالقصة أسلوب قرآني عظيم، والقرآن فيه قصص بل سورة اسمها سورة القصص، والأحاديث وأخبار السلف كثيرة في القصص، وأثرها واضح بيّن عظيم كما دلّ القرآن ?لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ?، وأيضا هو تثبيت ?وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ?، وقال تعالى: ?لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ?، وقال تعالى: ?تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا? قال الطبري رحمه الله: (نقص عليك من أنبائها فنخبرك عنها وعن أخبار أهلها وما كان من أمرهم وأمر رسل الله الذين أرسلت إليهم لتعلم أنا ننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا على أعدائنا وأهل الكفر بنا، ويعلم مكذبوك من قومك ما عاقبة أمر من كذب رسول الله فيرتدعوا عن تكذيبك وينيبوا إلى توحيد الله وطاعته)، فهل يدرك الدعاة والخطباء هذا الأمر الرباني وهذا النهج النبوي القويم وما كان عليه الصحابة والتابعون؛ فيحرصوا على القصص في كلامهم للناس وفي دعوتهم ويختاروا القصص الصحيحة ولو غريبة ويبتعدوا عن الكذب ولو كان يسيراً، وخير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، ولا نرد القرآن والسنة لقول قائل مهما كان، والله أعلم بالصواب.

* تبوك



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد