Al Jazirah NewsPaper Friday  25/12/2009 G Issue 13602
الجمعة 08 محرم 1431   العدد  13602
نوازع
السفير عبدالعزيز المبارك
د. محمد بن عبد الرحمن البشر

 

رحم الله أخانا وزميلنا سعادة السفير عبدالعزيز بن عبدالله المبارك الذي وافته المنية يوم الثلاثاء الماضي، لقد كان له سجل حافل في خدمة وطنه والقيادات التي تعاقبت على هذه البلاد الكريمة، فقد عمل في إدارة البرقيات في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز في وقت كانت الدولة تنشد كل من له معرفة بالقراءة أو الكتابة لينضم إلى العمل بها فكان مخلصا فيما أوكل إليه من عمل، متعاونا مع أخيه لأمه السفير المرحوم سعود الدغيثر عندما كان مسؤولا عن البرقيات في ذلك الوقت، وكانت هذه الإدارة آنذاك من أهم الدوائر الحكومية إن لم تكن أهمها، فمنها تصدر الأوامر السرية وغير السرية وإليها ترد المعلومات والمراسلات في ظل أحداث كانت تتطلب قرارات سريعة.

ونحن في سفارة المملكة لدى المغرب الشقيق كنا نسمع منه بعض المواقف النبيلة للملك عبدالعزيز، والقصص والملح والطرائف التي مرت عليه أثناء عمله ذلك، الذي انتقل منه للعمل في بيروت عندما عين الشيخ سعود الدغيثر سفير لدى لبنان، وبقى الراحل هناك مدة غير يسيرة عمل فيها بإخلاص، وأضاف إلى خبرته الداخلية خبرة خارجية، وأتحفنا بالعديد من الأحداث التي عاشها عندما كان هناك، كما أن بقاءه تلك المدة في ذلك البلد العربي الشقيق جعله يكون فكرة عن القوى السياسية وسبل ووسائل اتخاذ القرار هناك، والتحالفات الحزبية التي تتجاذب طبقا لتغير الظروف والأحوال، فعلمنا بعضا مما كنا نجهله، وأدركنا شيئا مما كان خافيا علينا.

انتقل بعد ذلك إلى المغرب الشقيق، وعمل مع السفير المرحوم فخري شيخ الأرض، والسفير علي ماجد قباني، ومعالي السفير الدكتور عبدالعزيز خوجة وزير الإعلام والثقافة الحالي، ثم عمل معي أخا وصديقا وزميلا ونائبا وكان نعم العون، سخر خبرته المتراكمة لحمل الجزء الأكبر من عبء السفارة، فكان رأيه حصيفا، ومعرفته بالرجال كبيرة، فأفادت السفارة منه، كما أنني شخصيا وزملائي تعلمنا من أسلوبه واستفدنا من خبرته.

كان من عادتنا أن يجتمع الزملاء جميعا في مكتبي صباح كل يوم لمناقشة الموضوعات التي تهم السفارة وتبادل الآراء وطرح المقترحات والحديث عن المستجدات، وكان سعادة السفير عبدالعزيز عبدالعزيز المبارك رحمه الله يصغي كثيرا، وعندما يتحدث يضيف جديدا، فنحن في الغالب نأخذ برأيه المسنود بخبرة عميقة اكتسبها خلال فترة مكوثه الطويلة في المغرب الشقيق، والتي زادت عن ثلاثين عاما متواصلة عرف خلالها رجال المغرب حكومة وشعبا، وتولدت لديه قدرة فائقة في حسن التعامل معهم، لاسيما أن إخواننا في المغرب على قدر كبير من الثقافة والاحترام.

عندما قدمت إلى المغرب بعد أن مكثت في الصين سفيرا قرابة أربع سنوات، أخذت أتعامل مع المغرب كما كنت في الصين، فكنت في حاجة إلى من يرشدني إلى الخيار الأفضل في التعامل الإداري، فكان خير مرشد وموجه، لقد كنت شديدا في بعض المواقف، وكان يقول لي إن المغرب يختلف عن الصين، وعليك أن تكون أكثر واقعية، فلم أصغ في بداية الأمر، لكنني ما لبثت أن أدركت أن خبرته قد قادته إلى ما هو أصلح، فأخذت بمشورته.

لقد داهمته الأمراض في آخر سنتين، وذهب إلى ألمانيا للعلاج وعاد إلى المغرب، ثم ما لبث أن عاد مرة أخرى إلى ألمانيا لظروفه الصحية، وفي الفترة الأخيرة أصبح لا يستطيع المشي، غير أنه كان يصر على المجيء إلى السفارة على كرسيه المتحرك ويمارس عمله بقدر استطاعته، وظل كذلك حتى آخر يوم قبل سفره إلى جدة.

كان رحمه الله محبا لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين وولاة الأمر، ويتحدث عنهم بصدق ووفاء ويشكر لهم مآثرهم وأعمالهم الجليلة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد