لا شك أن لكل شعب ثقافة خاصة به تميزه عن الشعوب الأخرى. وتأتي أنواع الأزياء وأشكالها وطريقة تصاميمها من أهم الملامح التي تميز الشعوب عن غيرها، خاصة في دول العالم الثالث التي لا تزال تولي الأزياء المحلية أهمية كبيرة كجزء من تراثها الوطني المتمثل في عادات وتقاليد تلك الشعوب. ومع أن كل شعب يفتخر بأزيائه ويحرص على ارتدائها في المناسبات العامة والأعياد الوطنية والمحافل الدولية إلا أن هناك مجالا لتسجيل بعض الملاحظات على تلك الأزياء من ناحية التصاميم والأشكال والألوان.
ولو ألقينا نظرة إلى الأزياء الرجالية في المملكة العربية السعودية لرأينا أنه في فصل الصيف يسود اللون الأبيض على الثياب التي يرتديها الناس مع اختلاف درجة البياض، بينما في فصل الشتاء تكون ألوان الطيف السبعة سائدة على ثيابهم. وبالرغم من أن ألوان الثياب الصيفية المتعددة الألوان متوافرة إلا أن الناس لا يقبلون عليها إلا نادرا. وقد سألت ذات مرة أحد الإخوة العرب هل تجد فرقا بين الثياب التي يرتديها الناس هنا فأجاب (كلها واحد). وهذه النظرة هي نظرة كلية للأشياء؛ حيث إنه معلوم للجميع أن هناك فرقا بين تصاميم الثياب. أما المشالح والفراء والأكوات فينطبق عليها ما ينطبق على الثياب الشتوية من حيث الألوان.
أما الغتر والأشمغة فنرى أن اللون الأبيض هو السائد على لون الغتر بينما اللون الأحمر هو السائد على لون الأشمغة بالرغم من تعدد ألوان الأشمغة. ومع أنه من الأنسب أن تلبس الغتر في فصل الصيف لخفتها وتلبس الأشمغة في فصل الشتاء لمتانة خامتها؛ حيث يقي الشخص شدة البرد إلا أنه من الملاحظ أن الذي يرتدي الغترة في الغالب نجده يرتديها في جميع فصول السنة، والذي يرتدي الشماغ نجده في الغالب يرتديه في جميع فصول السنة أيضا. ومن الطريف أن أحد الخواجات عندما وصل إلى أحد المطارات في المملكة ولاحظ أن الناس يرتدون إما غترا بيضاء أو أشمغة حمراء ظن أن هناك مباراة في كرة القدم، وظن أنهم يلبسون شعار الفريق المفضل.
أما العقل فقد استقر مزاج الناس - كما يبدو - على اللون الأسود، وأصبح هو اللون السائد بالرغم من إمكانية صناعتها بألوان متعددة. وقد اعتقدت أن يُحدث برنامج (طاش ما طاش) الشهير تغييرا على عادات الناس في اختيار ألوان العقل التي يرتدونها خاصة عند بعض الشباب؛ حيث عُرض في إحدى حلقاته المتعلقة بمناقشة أساليب البيع والشراء عدة ألوان من العقل؛ لأن المصنع اعتاد أن يصنع المنتج على عدة ألوان حسب أمزجة الناس، ولم يكن يعرف أن الناس يرتدون العقال بلونه الأسود فقط. وتجدر الإشارة إلى أن جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - كان يلبس عقالا أبيض ذا تصميم خاص.
وفي الختام أود الإشارة إلى الحكمة المأثورة المتداولة بين الناس في هذا المجال، وهي (كُلْ ما تريد والبس مثلما يلبس الناس) والسبب في ذلك أن الأكل مسألة خاصة بالإنسان، بينما الملبس له أبعاد اجتماعية ينبغي مراعاتها حتى وإن كانت لديك القناعة في نوع الملبس أو اللون الذي تختاره؛ لأنك إن لم تفعل فسوف تكون عرضة لنقد وتهكم وازدراء الآخرين. مع العلم بن الأزياء يمكن أن تتغير وتتبدل حسب الأزمنة والعصور مثلها في ذلك مثل بقية الأشياء في هذه الحياة كموضة من الموضات أو تقليعة من التقليعات.
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.