أنيجب أن ننظر إلى استفتاء سويسرا ضد المآذن على أنه لم يكن حقيقة استفتاء على المآذن بذاتها ومكوناتها.. بل كان استطلاعاً (للرأي العام) السويسري ونظرته للإسلام المتطرف والإسلام الدموي.. الذي يقدمه (مع الأسف) بعض المسلمين اليوم بامتياز.
دعونا ننظر إلى جوهر مشكلة المكون الثقافي المسلم من خلال الحقائق على أرض الواقع.. فالحقيقة التي تفرض نفسها أن المنتج الفردي والجماعي المسلم منتج (ثالث) للأسف.. ولا أحد يريد أن يدخله إلى بيته.. فلماذا نستنكر استفتاء السويسريين برفض المآذن.
نعم إنه من العجيب أن تستفتي سويسرا بلد حقوق الإنسان على أمر يناقض حقوق الإنسان.. ناهيك عن أن تصوت ضده!.. وهو نفس العجب الذي انتابنا حينما شرّعت فرنسا منع لبس الحجاب في المدارس وهي بلد الحريات.. لكن كيف نلومهم؟.. ونحن في نظر العالم جماعات إرهابية.. أرهبت مجتمعاتها وتريد أن ترهب مجتمعات العالم الأخرى.. ولا يمكن أن نلوم أياً من هذه الدول على رفضها إدخال ثقافة تلك الجماعات التي تنتسب إلى الإسلام ناهيك عن استقبالها بترحاب.
اسأل نفسك أنت أخي القارئ... هل تؤيد منع الاستقدام من بنجلاديش التي عرف عن أبنائها الكثير من التجاوزات؟. إذا كنت كذلك فأنت لا تختلف عن السويسري الذي صوَّت ضد إقامة المآذن في سويسرا.. فكلاكما يفكر من منطلق وقاية مجتمعكما وحمايته.. سواء كان رأيكما صائباً أو خاطئاً.. الأكيد أن أي منطلق آخر غير منطلق الحماية والوقاية فهو منطلق عنصري..
ويحق حينها أن توصف بأنك (هيبوكرت) إذا كنت سويسرياً.. أو من الذين ينهون عن خُلق ويأتون بمثله إذا كنت سعودياً.. فالمواطن السعودي الذي سوف يصوت ضد استقدام البنغال لأسباب وقائية.. يشابه تماماً السويسري الذي صوت ضد المآذن لنفس الأسباب.. فمن ذا يريد إدخال أفراد أو فكر أثبت الواقع القائم أنه مؤذٍ للمجتمع؟.
من المؤسف أن الكثير من نخب المسلمين علماء وقادة ومفكرين قد ساهموا في التأليب والتهييج.. لا لسبب أو مبرر أو هدف بل استجابة لعواطف الجموع حيث سارت في ركابها.. وكان الأجدر بهم المساهمة في بناء هذا المجتمع الثالثي ودفعه للتقدم والبناء بدلاً من إثارة الغوغاء التي لم نكسب منها سوى خلق العداوات.
نعود إلى جوهر القضية.. إذا كان رأيك أخي القارئ هو التصويت نحو منع الاستقدام من بنجلاديش فإنك حتماً ستصوت ضد المآذن.