الأحساء - رمزي الموسى
أكد رئيس اللقاء الوطني للحوار الفكري الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين على وجوب أن يتمثل المثقفون والمفكرون طريقة الاستدلال القرآني في الحكم على الأشياء والظواهر، وأن يتحلى الجميع بالمعلومات ومصادر المعرفة المختلفة للتوصل السديد لهذا الحكم.. كما نوه بأهمية أن يكون : (الخطاب الثقافي) هو مثار البحث والنقاش في هذا الوقت.
جاء ذلك خلال افتتاح اللقاء الفكري صباح أمس الثلاثاء والذي ينظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بمحافظة الأحساء تحت عنوان: (واقع الخطاب الثقافي السعودي وآفاقه المستقبلية) بمشاركة (70) من المفكرين والكتاب والمثقفين.
وفي الجلسة الأولى التي أدارها عضو اللجنة الرئاسية بالمركز معالي الدكتور راشد الراجح والتي تناولت موضوع: (المشهد الراهن للخطاب الثقافي السعودي وتوجهاته الحالية) تحدث أكثر من خمسين مشاركا ومشاركة حول هذا الموضوع، استهلها الدكتور معجب الزهراني بالحديث عن وجود تيار فكري مهيمن منذ عقود، ورأى أن الخطاب الثقافي متنوع ومتعدد، ويجب أن يظل هكذا لكي يثري أذهاننا وأذواقنا ويرسم المصير المشترك الذي نسميه الوطن، وأكد الزهراني على أن هذا الخطاب الأحادي إذا لم تنكسر هيمنته (سندفع أثمانا باهظة) فنحن مازلنا تحت وطأة خطاب ثقافي يحارب الفكر الحديث والفنون الحديثة.
وتساءل: كيف سيعيش مجتمعنا في ظل هذه الصورة؟.
فيما تحدثت نورة العدوان عن لغة الخطاب الثقافي السائدة التي تتسم ب (التعديات على الأشخاص) ورأت أن هذا الخطاب يتعارض مع السياسة الإعلامية للمملكة، وطالبت بتأسيس جمعيات مدنية تراقب ما يصدر في الصحافة من (تعديات).
ورأى د. مسعد العطوي أن (مشهدنا الوطني يتنوع بين الخطاب الاجتماعي، والفكري، والديني) وتساءل: عن دور الفرد في نسيج هذه الثقافة، وقال: نحن أحوج ما نكون إلى أكاديمية عليا يستقي منها الإعلامي والعالم والواعظ، ويبني السياسي قراراته.
وتساءلت هدى الدليجان عن أسباب الغياب الكامل للخارطة الثقافية، وعن غياب قضايا ملحة وحاسمة مثل: حقوق المرأة، الأنظمة، المخرجات الثقافية، مؤسسات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام تغيّب كل هذا.
وقال محمد أبو ساق: إن من المؤسف أن المشهد الراهن أوصلنا لخطاب ثقافي مسلح، ومفخخ، فهل ننتقل إلى حالة أكثر تسامحاً لهذا الوطن؟
وقد تواترت المداخلات حول الهوية، والانتماء، وتحديد مفهوم الخطاب الثقافي، وكانت أبرز المداخلات سخونة تلك التي طرحها الدكاترة: عبدالله الغذامي، وحمزة المزيني، وعلي الموسى، وعبدالرحمن الحبيب، وحليمة مظفر، وأميرة كشغري، وفاطمة العتيبي، حيث دارت مداخلتهم حول: تعدد الخطاب الثقافي وتنوعه، وإيقاف هيمنة الخطاب الأحادي المهيمن، وركزت على أن الخطاب الثقافي لا يلبي متطلباتنا، وأن الإسلام والوطن هو الجامع لمختلف الخطابات، وأن الخطاب الثقافي يعاني من: (المساجلة والارتجالية) على حد تعبير د. عبدالرحمن الحبيب، فيما أشار الغذامي إلى منع ندوات ومحاضرات خلال العامين الماضيين، ووجود أناس يكفرون أناسا في جلسات إلقاء، وحضور (صيغة المنع) في حياتنا الثقافية.
ولفت حمود أبو طالب إلى ضرورة تحديد مفهوم الخطاب الثقافي، فيما أقر الموسى بوجود التطرف الفكري بين الخطابين: الديني والثقافي، وقال: إن خريجي (تورا بورا) لم ينزلوا من السماء كالمطر، وليسوا تلامذة للغذامي وحمزة المزيني وتركي الحمد، وتساءل عما يحدث في جازان، وأن هناك (6900) أسرة سعودية تعيش اليوم في الخيام، ولا يوجد صوت يدعو لهم، بل يدعو للشيشان وأفغانستان والصومال، ولا أحمِّل أحداً هذه المسؤولية.
في المقابل تحدث عوض القرني، ونوال العيد، وعبدالعزيز القاسم، ووليد الرشودي عن أن بلاد الحرمين ترتكز على الإسلام، وعلى الشريعة الإسلامية، وأن كل المجالات تجد من يحميها، مثل الآثار والمتاحف والأدب، عدا الدين والشرع، وحماية الدين والشرع تكون عن طريق العلماء والفقهاء.
ورأى عبدالعزيز القاسم أن هناك انقلابات بيضاء على الفقه السائد من جانب العلماء أنفسهم، وتجلى ذلك في موضوع: (الاختلاط). وتحدث د. سعيد السريحي عن مفهوم: (الوسطية) وأن هذا المفهوم مغلوط في حياتنا، حيث انتقل من مجال الأخلاق، إلى مجال الفكر، مما أدى إلى التضييق على مساحة الفكر، فالفكر لا يشترط عليه شرط قبل أن يكتشف الآفاق، والوسطية تقيد الفكر، وقال: (لقد أرادوا أن يصنعوا من تطرفهم قانونا يلزموننا به). وقد تعددت المداخلات، وجاءت أشبه بسجالات بين تيارين، وانتهى الحضور إلى ضرورة الالتئام حول المبادئ والثوابت الدينية والوطنية، والانفتاح على الخطاب الثقافي العربي والعالمي والاستفادة من ذلك في تطوير الخطاب الثقافي السعودي.