أعلنت ميزانية أفرحت الجميع وهي ميزانية غير مسبوقة في ظل أزمة مالية عالمية طاحنة تؤكد أرقامها مضي حكومة خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- في مواصلة استكمال برنامجه في الإصلاح الاقتصادي والذي يستهدف في المحصلة تنويع قاعدة إنتاج الاقتصاد الوطني بما ينوع مصادر الدخل بتفعيل عناصر كافة الأسواق التي يجري تطويرها على مراحل كما يلحظ الجميع لتصبح ذاتية الاندفاع كما هو وضع قطاع الاتصالات.
السوق العقارية من الأسواق الكبرى حيث تأتي بعد قطاع النفط والغاز في بلادنا من حيث الحجم وهي تعاني من اختلالات تنظيمية وشح في آليات التمويل وندرة في المطورين الحقيقين ما أفرز مشكلة إسكانية لا تخفى على أحد حتى بات المواطن السعودي لا يحلم في مسكن ملائم في مقتبل العمر ما لم يرث والديه غنى كما أضعف قدرة القطاع العقاري على لعب دوره في تحريك القطاعات الاقتصادية الأخرى كما هو الوضع في الدول المتقدمة، حيث القطاع العقاري القاعدة الأساسية لنقل رأس المال بين القطاعات على اعتبار أن يمثل الضمانات الملموسة والمتعاظمة القيمة بمرور الزمن وهو الأمر الذي يساهم في تنويع قاعدة الإنتاج الاقتصادي في تلك الدول.
لا أطالب الحكومة بتخصيص ميزانيات ضخمة لتوفير مسكن لكل مواطن في مقتبل العمر لتكون الحكومة اللاعب الوحيد في عملية تمكين القطاع العقاري أن يلعب دوره الحقيقي في تنمية الاقتصادي الوطني، ولا أستطيع أيضاً أن أطالب القطاع العقاري أن يحقق ذلك، والحل حسب اعتقادي يجب أن يكون مزيجاً من هذا وذاك، إذ لابد أن تتبنى الحكومة تطوير وتنظيم القطاع العقاري وتعزيز قوة عناصره من خلال حزمة من المحفزات (كما الحزمة التي أطلقت لتعزيز القطاع الزراعي على سبيل المثال) ليلعب دوره المنتظر في تطوير أحياء سكنية متكاملة تتكون من منتجات عقارية متنوعة (فلل ودبلكسات وشقق سكنية، عمائر تجارية وغيرها) عالية الجودة ومتعاظمة القيمة بمرور الزمن يتمكن المواطن من شراء الملائم منها بما يوفر له السكن المناسب والراحة النفسية ويوفر له وعاءً ادخارياً بدل الإيجارات المهدرة وهو ما يعني تراكم ثروات الأفراد التي في مجملها تمثل ثروات الوطن والتي يمكن أن تتناقل بين القطاعات الاقتصادية فتدعم عجلة التنمية في بلادنا.إن حلاً من هذا النوع لا بد وأن يكون في مخيلة قادة بلادنا وفقهم الله لما يحب ويرضى والأمل معقود على الجهات الحكومية والخاصة ذات الصلة بالقطاع العقاري والإسكاني منه على وجه الخصوص أن يطرحوا تصوراً منطقياً يقوم على التكامل الفعال والواقعي لحل المشكلة الإسكانية وتحويلها إلى فرصة استثمارية منقطعة النظير تعزيز قدرات بلادنا الاقتصادية.
alakil@hotmail.com