في القاموس الاقتصادي لا يوجد مكان للإنجازات دون أرقام وفي حصاد الميزانيات دائما ما تتضح البنية الحقيقية للاقتصادات ليس فقط في جانبها الرقمي العددي وإنما في التزاماتها وتوجهاتها نحو البرامج التي تستهدف تحسين مستوى المعيشة للمواطنين، وهاهي المملكة تستقبل العام الجديد بأكبر حجم إنفاق شهدته الميزانيات السعودية والبالغ 540 مليار ريال، هذا المبلغ الضخم يأتي ليؤكد أولوية الالتزام باستمرار برامج التنمية رغم الظروف الاقتصادية التي يشهدها الاقتصاد العالمي والتي دفعت بعض الدول إلى التراجع عن برامجها التوسعية، كما أن هذا الرقم الضخم يأتي ليؤكد الوعد الذي قطعته المملكة على نفسها على لسان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في قمة العشرين والتي وعد -حفظه الله- خلالها بإنفاق الاقتصاد السعودي مبلغ 400 مليار دولار خلال الخمس سنوات المقبلة، ميزانية هذا العام تأتي في بداية خطة التنمية التاسعة لترسم ملامح الأولويات وتعزز نتائج الإنجازات بالأرقام في ظل مخاض اقتصادي عالمي تمثل السياسة المالية أفضل الوسائل لمجابهة تأثيراته السلبية. والأرقام التي حملتها ميزانية هذا العام عكست بشكل واضح مدى الإدارة المالية الكفؤة والتقدير المتحفظ للإيرادات والذي غالبا ما يقود إلى نتائج تعزز من الثقة في الاقتصاد. الأمر الذي ينبغي أن لا يغيب في سياق الفرحة بهذه الأرقام القياسية هو الإنجاز الذي تحقق على مستوى الإيرادات غير النفطية فرغم قيمتها التي لا تبدو كبيرة في خضم هذه الأرقام القياسية إلا أن مبلغ 71 مليار ريال في عام تشبّع بهوس الأزمة وانحسار الأسواق يؤكد متانة القطاع غير النفطي، وهو ما يمثل نتاجا للإنفاق الحكومي المدروس والمتعاظم عاما بعد عام لتحقيق الهدف الاستراتيجي المهم للاقتصاد الوطني والمتمثل في تنويع قاعدة الاقتصاد والخروج من دائرة الاقتصاد النفطي.
****