Al Jazirah NewsPaper Tuesday  22/12/2009 G Issue 13599
الثلاثاء 05 محرم 1431   العدد  13599
المنشود
الأسيرات الهاربات!!
رقية سليمان الهويريني

 

لم يكن الأمر هيناً على إحدى السيدات النبيلات حينما رمى أحد رجال دوريات الأمن في محافظة الطائف عليها ملابسه العسكرية لترتديها وتستر نفسها، عندما شاهدها وهي تمشي خائفة في أحد الشوارع وقت الفجر (شبه عارية) وتُسرع في خطواتها، فيما كان هناك شخص يُلاحقها رافعاً صوته عليها شاتماً لها، مشيراً بيده إليها، يأمرها بالعودة. ويتضح من تصرفاته وهيئته أنه في غير وعيه وخارجاً من رجولته مودعاً لها.

وحين لمحها أحد رجال دوريات الأمن تأكد من هروبها من لدن الشخص الذي يلاحقها. وتبين لاحقاً أنه للأسف زوجها، وكانت تنبعث منه رائحة الخمر.

وبعد التحقيقات اتضح أن خلافاً وقع بين الزوجين بعد أن تعاطى الزوج المُسكر فاعتدى على زوجته وضربها، وقاومته حتى تمكنت من الفرار بخروجها من المنزل؛ إلا أنه تبعها يُلاحقها ويشد ملابسها حتى تمزقت وخرجت للشارع شبه عارية لتنقذ نفسها. فيسر الله لها رجال دوريات الأمن الذين ساهموا بحمايتها من ذلك الوحش، وتم تحويلهما إلى مركز الشرطة للتحقيق في القضية.

هذه الحادثة الاجتماعية ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ليظل السؤال معلقاً بطرف اللسان، أو محشوراً بين الأسنان أو يترنح كعبرة حرى تترقرق في العينين:ما ذنب السيدات المبتلات بهذا النوع من الوحوش الذين تغطيهم جلود البشر، ويرتدون ملابسهم وهم أبعد ما يكونون عن الإنسانية وأقرب للوحشية والسباع الضارية؟

فإلى متى والمرأة تعاني هذا البلاء، فلا تشكو، لأنه ليس هناك أذن تسمعها ولا قلب يرحمها؟

ولماذا تقف أسرتها في وضع المتفرج وتخوفها من الانفصال، بل تلمّح لها بالثبور إن هي فكرت فيه؟

وما مشاعر مشايخنا الكرام وهم ينصحون الزوجات بالاحتساب والصبر على الزوج الضال والسكير والمدمن حتى الهداية، ووعد الزوجة - إن بقيت بقربه - بجنة عرضها السموات والأرض، وكأنهم يملكون مفاتحها، بينما لا ينصفونها في المحاكم؟!

وإلى متى ونحن نسمع عن حالات قتل وانتحار لبعض السيدات بسبب ما يلاقينه من ضيم واضطهاد بسبب زوج فقد كامل أهليته، وأضاع ملامح شخصيته، وتخلى عن مسؤوليته في إعالة أسرته، وصار يعتدي على راتب زوجته فإن رفضت؛ أهانها وضربها ونكّل بها؟

واسألوا مراكز الشرطة كم زوجة وقفت أمام بوابات المركز فأوكلوا لجندي البوابة طردها وقذفها قبل دخولها أعتاب المركز بدعوى عدم الاختصاص، أو اشتراط إحضار ولي أمرها! ولو كان لها ولي أمر يستحق الولاية لما حضرت، ولما أهرقت ماء وجهها على عتبات مراكز الشرطة!

اسألوا هيئة حقوق الإنسان كم من سيدة اشتكت لهم وقد صفعت، وأخرى ضربت، وثالثة رُكلت، وأخريات يحضرن والدماء تسيل من أجسادهن بينما حليب الأمومة يترقرق من صدورهن فيطلي أجسادهن.

وبعدها.. اسألوا كل قلب رحيم قد بكى وتألم وهو يرى سيدة نبيلة قد جابهت اضطهادا من شريك حقير، وكم شاهد سيدة وقوراً واجهت إذلالا من زوج رقيع، وكم من سيدة محترمة قاومت إهانة زوج وضيع! وكم من عاقلة قد احتملت زوجاً سفيهاً! وكم من امرأة حكيمة حصيفة حارت وعجزت وهي ترقّع خروق رجل جاهل أحمق بذيء! وبعدها لا تتفاجؤوا حين يخرج من هناك رجل يرتدي مسوح الوقار، ورداء المهابة ليقول ناقصات عقل ودين!

وليكن! أفلم يحثكم ديننا الحنيف على التقوى والرأفة بالسيدات، حتى تلك الناقصات؟!

أو لم تحضكم شريعتنا الطاهرة على الورع والعطف على زوجاتكم؟!

ألم يقل سيد الرحمة صلى الله عليه وسلم وهو في لحظاته الأخيرة (الله الله في الصلاة، الله الله في الصلاة. أيها الناس اتقوا الله في النساء، اتقوا الله في النساء، أوصيكم بالنساء خيراً، فإنهن عندكم عوان) أي أسيرات!

وبدعوى الحماية.. كم من امرأة أوجعتها سياط القمع، وكم من أسيرة أدمتها حبال الأسر!

rogaia143 @hotmail.Com
www.rogaia.net



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد