الحمدلله أفاض علينا نعمه، ودفع عنا بلاءه ونقمه، ومنحنا من الخير فوق ما نؤمل، وأسبغ علينا من النعم فوق ما نريد، فله الحمد حمداً يليق بجلاله وعظمته، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وقدوة للناس أجمعين وعلى آله وأصحابه والتابعين.. وبعد:
نعيش هذه الأيام سروراً كبيراً وفرحة لا توصف، حيث عاد إلينا أميرنا المحبوب ولي العهد الأمين والعضد القوي والطود الشامخ والأمير الفذ سلطان الخير والعطاء والكرم والسخاء صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام بعد أن منَّ الله عليه بالشفاء وألبسه ثوب الصحة والعافية.
وإن الإنسان في مثل هذه الحالة من الفرح والغبطة والسرور ليعجز لسانه ويقصر وصفه.. حيث العبارات تتناثر والبلاغة تتقاصر والكلمات تقف عاجزة عن أن تصور ما تكنه القلوب، وإني مهما بذلت من الجهد لأعبر عن مكنون النفس وأرتقي بالحديث فلن أصل إلى الوصف الذي يرضي النفس، وما ذاك إلا لأن الله تعالى قد حبا أميرنا المبارك خصائص كبيرة وصفات عظيمة.. أليس هو الذي اشتهر بالجود والسخاء والبذل والعطاء ومناصرة الضعفاء وسد خلة المحتاجين.. أليس هو الذي أسس لقدرات بلادنا الدفاعية، وعاش هم الوطن والمواطن فلا غرابة إذاً أن تفيض مشاعر كل المواطنين على هذه الأرض المباركة بهذه الصورة العظيمة والقدر الكبير وهم الذين كانوا يتابعون بقلق خبر العارض الصحي الذي ألمَّ بسموه الكريم ويرفعون أكفَّ الضراعة إلى الله العلي القدير أن يحفظ لهم قائدهم العظيم وأن يحفظ لهم سلطان الخير وأن يعيده إلى أرض الوطن سالماً معافى.. فنحمد الله أن استجاب للدعاء وكتب الشفاء فتسامع الجميع بعودته إلى وطن العز والسلام وترقبوا وصوله بلهفة بالغة وشوق عظيم كانت هنيهات انتظارهم له في أرض المطار أحلى لحظات اللقاء به طمعاً في استمرار تلك اللحظات الجميلة والأوقات السعيدة في مشهد عظيم امتزجت فيه مشاعر السعادة والفرح بالحنين والشوق إلى اللقاء، وارتفعت فيه الدعوات الخالصة لملك الحكمة والإنسانية والسداد خادم الحرمين الشريفين ولسموه الكريم وجميع ولاتنا الأوفياء بطول العمر وتمام الصحة والسعادة.. فيا لها من لحظات ما أجملها وأيام سعيدة ما أعظم بركتها أدامها الله على هذا الوطن سعادة وهناء.
إن من يرصد هذه المشاعر ويسجل هذا التفاعل الرسمي والشعبي مع هذه المناسبة السعيدة ويرى اللحمة القوية بين الراعي والرعية فإنه لا يسعه أولاً إلا أن يلهج بشكر الله وحده على هذه النعمة، ثم عليه أن يدرك ثانياً أن هذه المحبة والألفة التي يشعر بها الناس تجاه ولاة أمرهم هي من أعظم النعم التي تستقيم بها أحوال الأمم وتستمر معها الدول قوية متماسكة ومهابة الجانب، ولهذا امتن الله بهذه النعمة على رسوله صلى الله عليه وسلم وأخبره أنها لا تتحقق إلا بفضله سبحانه حيث قال: (... وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم)، وهي من وجه آخر كذلك دليل على الخيرية في الراعي والرعية، فقد ورد في صحيح مسلم ما يدل على هذا من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم) قال النووي -رحمه الله-: فيه دليل على مشروعية محبة الأئمة والدعاء لهم، وأن من كان من الأئمة محباً للرعية ومحبوباً لديهم وداعياً لهم ومدعواً له فهو من خيار الأئمة، وقال سماحة شيخنا ابن عثيمين -رحمه الله-: (هؤلاء الأئمة الذين هم ولاة أمورنا ينقسمون إلى قسمين: قسم نحبهم ويحبوننا فتجدنا ناصحين لهم وهم ناصحون لنا ولذلك نحبهم لأنهم يقومون بما أوجب الله عليهم من النصيحة لمن ولاَّهم الله عليه، ومعلوم أن من قام بواجب النصيحة فإن الله تعالى يحبه ثم يحبه أهل الأرض).
وثالثاً يعلم أن ولاة أمرنا أيدهم الله وحفظهم بحفظه وعلى رأسهم ملك السلام والمحبة والإنسانية مليكنا المفدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين سلطان الخير والعطاء قد رُصد من أفعالهم وإنجازاتهم في هذا الوطن الغالي ما جعل مشاعر الجميع تلتقي وتجتمع على حبهم والدعاء لهم وهذا من فضل الله ومنته على هذه البلاد وأهلها، فإنه لما شرفها واختارها أن تكون مهبطاً لوحيه العظيم ومنطلقاً لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم في نشر الدين القويم اختصها بولاة يحكمون بالشرع ويقضون بالعدل، فاستحقوا هذه المحبة.
وبعد: فهذه مشاعر فرحة غامرة كنت انتظرها بفارغ الصبر.. فرحة عودة سلطان الخير، فنحمد الله على عودته سالماً معافى ونسأله كما رزقه الصبر على العارض الذي ألمَّ به أن يرزقه طولاً في العمر ورفعة في الدرجات وأن يجعل عودته سالماً معافى سعادة دائمة لنا ولوطننا.. أدام الله أفراحنا وحفظ قادتنا وأعزهم وأطال بقاءهم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية