Al Jazirah NewsPaper Monday  21/12/2009 G Issue 13598
الأثنين 04 محرم 1431   العدد  13598
نهارات أخرى
الركود لا يليق بحياة متغيرة!
فاطمة العتيبي

 

مع أن الناس حتماً يتغيرون فإنهم يرحبون في الأكثر بالدعاة الذين يباركون الإبقاء على ما هو موجود من العقائد والنظم والتقاليد، وهذا لأن الإنسان وإرادته أكثر رجعية وأقل شجاعة من احتمالات حياته).

تعمدت ألا أكتب اسم صاحب العبارة حتى نتناقش حولها دون الارتكان إلى ما يثيره الاسم من قبول أو رفض.

ماذا يعني ذلك؟

الناس تتغير أرادت أو لم ترد، شاءت أو لم تشأ!!

لكن البعض يكون أكثر شجاعة في التعامل مع نبوءات الحياة ومنعطفاتها وتحولاتها، كما يكون أكثر صدقاً في حدسه وفي توقعاته لما تتجه إليه بوصلة الأحداث ومستجداتها.. بما يعطي العقل البشري تغذية قادرة على أن يخوض تجربة الحياة بما يليق بها!

الحياة تجربة رائعة، يلزم أن تباشرها كل صباح بفكر قابل لأن يكون جديراً بها.. لا تتغير شكلاً أو تسفّه إرث مَنْ قبلك وتظن أنك بذلك تتغير، التغير هو حركة عقلية عميقة ومعقدة!

الركود لا يليق بحياة متغيرة وبكرة أرضية تدور وبمسار متغير للماء والرياح!

حين يتحرك الماء ليغمر البشر.. حين تنتفض الأشجار فتلقي بأوراقها تباعاً لتستقبل أردية جديدة من صنع ربيع جديد..

هل يليق أن يقابل الإنسان كل هذه الحركة الكونية التي تجري حوله بالإبقاء عليها كما هي؟!..

حتى تلك العلاقة السرية التي تربطنا بالله يشوبها التغير؛ إننا نكون أكثر قرباً وصفاءً وشفافية وروحانية حين نحزن، حين تحيط بنا الشدائد نشدُّ هذا الحبل الوثيق بيننا وبين خالقنا سبحانه، لكننا سرعان ما نفتر في همتنا وتواصلنا مع القوة العليا التي تغذي أمننا ويقيننا به، تسرقنا للحظات تطول أو تقصر مشاغل دنيانا وسلوة الترف والرخاء!

حتى تلك العلاقة التي تبدأ وتنتهي في سريرتنا هي متغيرة يلحقها المد والجزر..

إذن ما بال بعضنا يصارع موج الحياة ويقضي شطراً من حياته وهو يُذهِب طاقته في محاولة بائسة لمنع تحولات الحياة، ولو كان يعي جيداً حقيقة الحياة وسر خلقها وكونها لأدرك أنه يقف أمام طوفان لا عاصم منه إلا أن يشد من عزيمته في الارتباط بيقين وعقيدة تسانده في التحول والتغير دون أن تجترح من علاقته الصافية والخاصة مع إيمانه!

نتغير لأن الله سبحانه خلق حياة متغيرة، متجددة، يتغير ناسها ويتباين خلقهم وتتوارث أجيالهم ويتغير مناخها وتتباين طقوسها وأجواؤها.. وتتغير تضاريسها وتتباين بين ماء وصخر ورمل.. أفلا يكون الإنسان أيضاً متغيراً؟؟



fatemh2007@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد