Al Jazirah NewsPaper Monday  21/12/2009 G Issue 13598
الأثنين 04 محرم 1431   العدد  13598

حديث المحبة
ظلمني أبي.. فمن ينصفني؟!
إبراهيم بن سعد الماجد

 

إنه الأشد، كيف لا وهو يأتي ممن تأمنه، أو قل ممن تأمله... والد أو ولد، زوج أو أخ أو ذي قربى، ممن يؤمل خيره ولا يخشى شره.

أحاديث هنا وهناك نسمعها عن ظلم من هذه الفئة تحديدا، والد يعضل بنته، وولد يهين والده ووالدته...

... وزوج يضرب زوجته، بل ويقذفها بالفاحشة..!!

نظرة سريعة لبعض هذه الحوادث بل قل المصائب تنبئك عن خلل كبير يعتري تفكير الكثير من الناس، ونظرة مادية بحتة تسيطر على تفكيرهم، وضعف شديد في الوازع الديني.

رسالة من قارئة تنزف بالدم قبل أن يكون الدمع، تحكي قصتها مع والدها ووالدتها، في تفاصيلها الألم أشده والجرح أغوره، والمصيبة أكبرها، كل ذلك لأن من تسبب ويتسبب في اتساع جرحها يوماً بعد يوم أقرب الناس إليها وأحرصهم عليها والدها ووالدتها اللذان تحولا إلى مصدر للألم ومبعث لشفقة الآخرين عليها.

تحكي حكايتها قائلة: بأن والديها انفصلا ولكنهما على تواصل سلبي دوما، وكل ذلك يصب في إيذائها بأشكال مختلفة، وتعاظم هذا الإيذاء يوم بلغت سن الزواج فأخذا يتباريان في من تكون كلمته الماضية ويزوجها من يريد لا من لا يريد الآخر، وجاء اليوم الأسود في حياتي يوم أرادت والدتي تزويجي قريبا لها ورفض والدي - وطبعاً لم يكن لي رأي في كل ما يدور - وأخذا في عراك لأسابيع حتى توصلا إلى موافقة والدي شريطة أن يأخذ نصف مهري، ووافقت والدتي، وتم زفافي - هكذا يقال- وإلا في الحقيقة لم يكن زفافا، بل كان جنازة- استسلمت على أمل أن يكون اختيار والدتي سليما هذه المرة، ولكنها كانت الطامة الكبرى فقد وجدته في غاية السوء، دينيا وسلوكيا، وكان الطلاق المشروط بإعادة ما دفع، وهنا كنت وحدي أسدد ما أكل والدي ووالدتي من مهري، وهما لا يأبهان بكل ما يجري وما جرى، بكيت فلم تلن قلوبهم، صرخت فلم تسمع آذانهم، أسودت الدنيا في عيني ولولا إيماني بالله سبحانه وتعالى لارتكبت ربما أكثر من جريمة.

موجز معاناة هذه الفتاة التي بالتأكيد يوجد مثلها الكثير من الفتيات المظلومات من أقرب الأقربين في تجاوز أخلاقي وإنساني موحش في الدناءة وقلة المروءة وضعف الوازع الديني، لا يمكن أن يطلق عليه أقل من ذلك.

إن الإنسان مهما كانت درجة قربه إذا فقد الوازع الديني والأخلاقي فلن يتورع في ارتكاب أي نوع من أنواع الدناءة والخسة واللؤم، ولذا، فإن هذه الفئة من البشر تحتاج إلى وازع السلطة التي تحدد لهم قوامتهم وتحفظ لذويهم كرامتهم بعيدا عن المنازعات التي يتجنها الكثير وخاصة الفتيات لما يكتنف ذلك من ضياع للسمعة وتشتت للأسرة وتفاقم للمشكلة.

إن هؤلاء الرجال، بل قل -أشباه الرجال- يحتاجون إلى من يقف ضد تصرفاتهم الحمقاء موقفا قويا يحفظ لمن ولو أمره كرامتهم وحقوقهم، دون ضوضاء ولا إفشاء لأسرار، وما أكثر هؤلاء في مجتمعنا، وإن كانت أصوات المظلومات لم تسمع فإن ذلك لا يعني استتباب أمورهن وصلاح أحوالهن، بل والله إن ما نسمعه من هنا وهناك من قصص تدمي القلوب لهذه الخروقات في الولاية، وهذا الاستلاب للحقوق تجعلنا ننادي أهل العلم والرأي ومؤسسات المجتمع المدني المعنية تحديدا بحقوق الأسرة أن تهب لمعالجة هذا الوضع قبل أن تتضاعف الجراح ويصعب على مبضع الجراح رتقها.

إن مما يؤسف له أن معالجتنا لكثير من قضايانا لا تأتي إلا بعد أن يتسع الجرح، وتعظم الخطيئة وعندها يكون العلاج مكلفا، وأثره محدودا، ولذا، فإن مما يجب الإسراع في تبنيه سواء من قبل الدولة أو من قبل مؤسسات المجتمع المدني (مراكز الدراسات الإستراتيجية) والتي سبق أن طالبت بها في أكثر من مقال، وطالب بها الكثير من الكتاب وأصحاب الرأي.

إننا لا نريد أن تكون إصلاحاتنا ومشاريعنا الفكرية المجتمعية نتيجة ردة فعل، بل نريدها سباقة في تصور المشكلات ووضع الحلول، فذلك أجدى وأنجع.

أخيراً.. لا أجد أبلغ من قول الشاعر:

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة...

على المرء من وقع الحسام المهند

almagd858@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد