انقضت فترة حافلة بالطموحات والأحلام للساعين لإنقاذ كوكب الأرض مما يعترضه من مخاطر بيئية ليكتشف الحالمون أن سقف الأحلام لا يمنحهم الفرصة لرفع رؤوسهم فضلاً عن أيديهم، وانفض المجتمعون في كوبنهاجن العاصمة الدنمركية ليضيفوها إلى سجل المحطات دون إنجاز حقيقي يذكر، كان أعداد الدنمركيين وترتيبهم احترافياً ولافتاً للنظر ابتداءً من التمهيد المبكر لانطلاقته وحتى اللوحات المؤثرة للقادة الكبار وهم يعضون أصابع الندم على تفويت فرصة الاتفاق حين يصلون لعام 2020م، الفجوة الكبيرة في وجهات النظر والخلاف حول المصالح كان جلياً منذ البداية، الأمر الذي جعل عدداً من المراقبين يتوقع بفشل المؤتمر قبل بدايته، فالمؤتمر كشف بشكل جلي أن المصالح الاقتصادية أكثر أهمية في سلم الأولويات من البيئة ومفهوم الأمن البيئي الشامل.
خروج المؤتمر دون اتفاق ملزم يسلط الضوء على العدالة التي ينبغي ألا تغيب عن طرح مثل هذه القضايا الشائكة التي تتصارع وتتناقض فيها المصالح، وقد قالت المملكة بشكل واضح كلمتها إنها على استعداد أن تتحمل نصيبها العادل في سبيل الحد من التغير المناخي، والعدالة أيضاً ينبغي أن تُراعى بمفهومها الشامل، حيث إن تكاليف هذه المهمة البيئية الثقيلة تتطلب تعاوناً وشفافيةً بين جميع الأطراف من الدول المتقدمة والنامية. المؤتمر خرج في بعده النهائي بدرس واضح يؤكد أن وضوح المصالح وتقبل دفع ثمن المبادئ هي الأساس لنجاح أي مشروع دولي كوني. والمفهوم الشامل للمصلحة يتطلب طرح الطاقة في بعدها الاقتصادي الشامل، حيث إن الوقود الأحفوري الذي ساهم في نمو الاقتصاد العالمي لقرن مضى يمكن أن تتجه التقنية المتقدمة ومراكز الأبحاث لتأهيله بالقيام بالدور ذاته في المستقبل مع مصادر الطاقة الأخرى.
على الرغم من انفضاض المجتمعين دون نتائج حقيقية إلا أن العالم كان بحاجة إلى لقاء دولي بحجم اجتماع كوبنهاجن ليعرف المسافة الحقيقية بين مصالح الدول ويعمل على خلق مسارات واضحة تلتقي فيها مصالح الجميع تحت مظلة العدالة والمصالح العادلة.
***