|
- عرفه من قبلنا بالماء، ووعيناه بالثقافة، ووعاه الوطن بهما؛ فاجتمع به وله ومعه أسباب الحياة للجسم كما للعقل.
|
** كان وظل علما، وفي مدينتنا الوادعة سمعنا من الكبار عن مشروع ابن سليمان، ورأينا بأنفسنا المكتبة الثقافية، وقضينا أوقاتا جميلة في (الزغيبية)، وفيها إضاءات خافتة على شخص الرجل الذي لم نره؛ فشهدت له آثاره.
|
- كان اسم (ابن سليمان) كافيا لتتداعى إلى الذهن حكايات العظماء الذين يبقون في ذاكرة التاريخ، يتحدون الفناء، ويتجددون مع النسيان، ويظن واهم أن قد مضوا دون رجعة؛ فإذا هم طائر الفينيق منبعثا بحضور لم يؤذه الحصار والانحسار.
|
** هكذا نعلم التاريخ؛ لا يكتب برغبة أو رهبة؛ فالعملاق لا يعود قزما وإن أغلق عليه القمقم؛ حتى إذا حان الوقت انتفض ذكره، وعلا شكره، و(زال القبر والكفن) - كما قال المتنبي - .
|
|
- لعل عامنا هذا هو عام الوفاء؛ ففي أوله كرم أربعة شعراء: (عبدالله العرفج ومحمد الشبل وسليمان الشريف - أطال الله أعمارهم - وعبدالعزيز المسلم رحمه الله)، وفي أوسطه اكتمل بناء جامع الإمام الشيخ عبدالرحمن الناصر السعدي، وصلى الناس فيه بدءا من رمضان، ودعوا لمن بناه، وكان يتمنى أن يشهد افتتاحه، وهو أستاذنا وشيخنا وحبيبنا العم حمد المحمد البسام - عليه رحمة الله - ، العالم العامل المجتهد الذي وعى الناس عنه بعض الفتاوى المختلفة؛ فلم يكن مقلدا ولم يرض بالتقليد، وعرفه جيلنا - أيام المعهد العلمي - حين درسنا (الفرائض والخط والتاريخ على يديه)، وكان حفيا بنا، سنظل نتذكر لازمته في مخاطبتنا بكلمته الشهيرة (يبه)، ووفاؤه لشيخ جليل من شيوخ الإسلام إشارة لوعيه وسعيه؛ فأسمى جامعا كبيرا باسمه؛ مؤثرا أستاذه على نفسه؛ فجعل الله ذلك في موازينه يوم يلقاه.
|
|
ويجيئ آخر العام بوفاء نادر لعلم من أعلام عنيزة، يحق لها أن تقدمه نموذجا على إسهاماتها في المرحلة الأهم من مراحل بناء الدولة الحديثة؛ إذ لم يكتف بدور مساند، بل شارك في الدفاع عن الأرض، وضمان استمرار الدولة وتثبيت ركائزها الإدارية والمالية والعسكرية وشؤونها الداخلية والخارجية.
|
** من حي (المسهرية) ابتدأ، وفي (الصنقر) احتفينا ونحتفي، والمسافة بينهما مئة وخمسة عشر عاما؛ لكنه الزمن، لا يعنيه طول العهد، ولا استطالة البعد، ويجيئ التوقيت خارج معايير التاريخ وخطوط الجغرافيا ليقول:
|
أنا هنا ومناراتي غدت قمما |
من ذا يطاول في العليا مناراتي |
هنا أبي ذاك جدي من ترى رحمي |
وذاك عمي وأخوالي وراياتي |
في دارنا وهج يفضي إلى وهج |
ليمطر الخير من أنواء غيماتي |
|
- هكذا نقرأ احتفاليات الوفاء؛ فابن سليمان رمز لكثيرين قدموا فتقدموا، ومضوا ولم ينتظروا، مؤمنين أنهم أدوا الأمانة مثلما فهموها، وحقهم أن نضعهم في صدارة اللوحة المضيئة التي تروي كفاح أجيال، وعبقرية نساء ورجال، وعنيزة ولودة ودودة، كما كل هذا الوطن، فإذا غاب سادة قام أسياد.
|
- رحم الله الشيخ عبدالله السليمان؛ فقد أهمه الوطن، وبقيت سيرته تنتظر من يكتبها لتتوثق بها حقبة حاسمة في تاريخنا الحديث.
|
- الذكريات ذاكرة الناس، والتوثيق ذاكرة التاريخ، وآن أن يخرج (ابن سليمان) ليروي ما لم نقرأه في حكايات المشافهة ومواجز المقالات.
|
|
|