Al Jazirah NewsPaper Sunday  20/12/2009 G Issue 13597
الأحد 03 محرم 1431   العدد  13597
لماذا يا وزارة التعليم العالي..؟
د. عبدالله بن سعد العبيد

 

التعليم بالانتظام والتعليم بالانتساب والتعليم عن بعد والتعليم بالانتساب المطور جميعها مسميات لأنواع وطرق الدراسة الجامعية والعليا التي أثارت -ولا زالت- لغطاً بين أوساط الشباب الراغبين بالدراسة أو إكمال دراستهم....

.... سواءً الجامعية أو فوق الجامعية، خصوصاً حينما يتطور الأمر لحدوث اختلاف في قبول تلك المسميات لدى الجهات الحكومية أو الرسمية التي تمسك بزمام معادلة الشهادات أو حتى عمليات التوظيف.

فقد حفلت مواقع ومنتديات عدة بالعديد من الآراء التي تؤكد تارة قبول الاعتراف الرسمي بالشهادات التي يحصل عليها الطلبة بنظام الدراسة عن بعد أو ما يسمى في مواقع أخرى بالانتساب المطور، والنفي أحياناً أخرى كون الأمر لم يصدر به حتى اللحظة قرار من جهة رسمية كوزارة التعليم العالي وهي الجهة المخولة بمعادلة الشهادات، قرار يقطع شك كل سائل ويزيل التكهنات حول ما كان وما سيكون.

كيف يُعقل أن يجتهد أحدهم في بحث قضية ما ويجمع المعلومات ويتقصى الحقائق ويستطلع الآراء ويسرد التاريخ ويحلل ويستقرئ ويستنبط ويصرف وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً في الخروج بنتائج معينة ضمن إشراف ورعاية ومتابعة من مشرف أكاديمي يحمل أعلى الدرجات العلمية وله مكانته العلمية والأدبية في الجامعة التي يعمل بها وفوق ذلك يمثل جامعة معروفة وعريقة، تلك الجامعة التي لن تغامر بتاريخها واسمها لمجرد حصولها على رسوم دراسة لطالب دراسات عليا، أقول كيف يعقل بعد أن تمنح تلك الجامعة ذلك الطالب درجة علمية نظير بحثه الذي قدمه ومن ثم يتم رفض معادلة تلك الدرجة لدى وزارة التعليم العالي في بلده بحجة حصول الطالب عليها بنظام الانتساب المطور أو الدراسة عن بعد؟.

كيف يمكن أن يتم رفض توصية جامعة عريقة قد يكون عمرها أكبر من عمر وزارة التعليم العالي في بلد الطالب بحجة أنها جامعة مفتوحة تمنح درجات علمية كالماجستير أو الدكتوراه بنظام الدراسة عن بعد أو الانتساب المطور؟.

ما لا يمكن تصديقه أو قبوله أن يتم فرض بعض الشروط التي تحد من التطور المعرفي والعلمي الذي نبحث عنه في دولنا النامية ونحن أحوج ما نكون إليه الآن، ذلك أن تلك الشروط لا شك تكون في الغالب سبباً لحرمان كثير ممن لديهم المقدرة الفكرية لتقديم ما يمكن أن يسهم بشكل مباشر في تقدم البلاد وازدهارها، وإلا كيف يتم اشتراط إقامة طالب الدكتوراه في بلد الدراسة لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات لما بعد مرحلة البكالوريوس كشرط لمعادلة وقبول شهادته حتى لو كانت من هارفارد أو اكسفورد أو جورج تاون.

ألا يكفي أن تقوم جامعة بحجم الجامعات التي ذكرت سابقاً بمنح شهادة أو إجازة علمية لطالب قدم بحثاً يستحق من خلاله الحصول على تلك الدرجة؟.. ألا يكفي ذلك لاعتراف وزارة التعليم العالي بذلك الإنجاز وتلك الدرجة العلمية المستحقة؟.. ثم ماذا عن الطالب الذي يبحث قضية تتطلب تواجده على أرض بلده طيلة فترة البحث وبالتالي يصبح وجوده في بلد الجامعة لفترات قصيرة ومحدودة لمراجعة مشرفه، هل يتم عدم الاعتراف بشهادته بسبب ذلك؟.. ثم ماذا لو كان اتصاله بمشرفه في تلك الحالة عبر البريد الإلكتروني الذي أصبح وسيلة الاتصال الأسرع والأيسر عالمياً؟.

لماذا لا تقوم الوزارة بدلاً من قضاء الوقت في فرض شروطها على الراغبين في إكمال دراساتهم العليا وهم في مواقع عملهم دون الإخلال بأدائهم بمراجعة البحوث التي تقدموا بها والتأكد من مناسبتها للدرجة التي مُنحوا إياها بدلاً من رفضها بالمطلق، ثم لماذا لا يتم اعتماد تلك الدرجات العلمية بشكل تلقائي وهي الصادرة عن جامعات لها وزنها وثقلها في العالم بل يتصدر بعضها الترتيب العالمي لأفضل الجامعات في العالم؟.

علينا أن نفرّق كثيراً بين الشهادات العلمية الموثقة التي تمنحها الجامعات التي تتبنى -بتقدير وأهمية- التعليم عن بعد أو الانتساب المطور وبين الشهادات المزورة أو المشتراة من الجامعات الوهمية التي انتشرت كانتشار النار بالهشيم وأصبح بيع شهاداتها كبيع الخضراوات على نواصي الطرق، فالأولى تمنح بفخر درجة علمية نتيجة جهد وعمل مضني للباحث وتتوقع اعتمادها بعد معادلتها من وزارة قوية تُدرك قيمة البحث العلمي وما يسبقه من عمل مضني، والثانية تبيع ورقة لا تسمن ولا تغني من جوع.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد