Al Jazirah NewsPaper Saturday  19/12/2009 G Issue 13596
السبت 02 محرم 1431   العدد  13596

صورة وذاكرة
ابراهيم بن عبد الرحمن التركي

 

لا يستطيع التقادم إلغاء الذاكرة الجمعية؛ سواء استوعبها التاريخ المكتوب أم التناقل الشفاهي؛ فلم تتعثر بغلة العراق أيام عمر، كما لم تمت صغيرات جلاجل اللائي قال عنهن غازي القصيبي:

ذرف الموت دمعتين وأغضى

عن ضحاياه.. وهو خزيان ذاهل

يا صغيرات يلتقي ذات يوم

في رحاب الردى جبان وباسل

تستيقظ الحكايات ولو غفت؛ فتثير وتستثير، ويبقى الرهان على الوقت محتملاً جانبي التجهيل والتجاهل دون أن تسقط من بؤرة الاستدعاء مهما سعى الراقي لرقية الهم أو اكتشاف ترياقه، وتتكرر - في أدبيات الشرق - قصة ذاك الذي هجر قريته لعمل رآه بنو أبيه مشينا، وعاد - بعد سنوات - متكئاً على ذواكر الناس المثقوبة؛ فإذا هم قد أرخوا بحكايته عام حدوثها.

التغيير وحده يستطيع التجاور مع المشكلات والتحاور معها إذا سعى إلى الاستجابة لمتطلبات الحل الجذري الذي يكفل عدم العودة إلى المربع الأول في المكان ذاته أو في أمكنة مماثلة، والتغيير هنا هو إرادة فرد وثقافة مجموع وعلانية مكاشفة وصدقية قرار.

لم تجف دموع الخنساء رغم ألف عام وأعوام، وضج النواح بالباكين؛ فعز ترنم الشادين، وإذ لم يَعْنَيا أبا العلاء فقد أهمّانا حتى بات جيلنا وآبائنا وأبنائنا مرتهناً لحكايات الوجع؛ ف(يهود وكسرى وقيصر) يتكررون فيمن يغتصبون الأرض متراً كان أم مصر، ويعود المُعاد؛ ف(سوى الروم خلف ظهرك روم فعلى أي جانبيك تميل).

ليته جانب واحد نختاره يا أبا الطيب، لكنه جوانب؛ فنعوذ بالشعر من الشعار، ونلوذ بالشعار عن جرح المشاعر ونداء المنابر، ونلوذ من ذلك بالقادر القاهر.

استدعاءات تراقب المشهد الذي لم يغادر وراقوه متردماً ليمنعوا به تشرذماً يقسم المشكلة إلى نصفين، والنصف إلى ربعين؛ فتكثر الأخماس والأعشار والكسور غير الاعتيادية.

من يقول الحقيقة؟ أذاك الذي عبر فوق جسور الذات، أم الآخر الذي ارتضى الفتات، أم سواهما: من يملؤون الفراغ بفراغات؛ فتمتد الفراغات بلا نظرية، وتمتد الحاجة إلى الريادة العملية حيث مفتتح البداية.

كذا نعي أدبيات القيادة المسؤولة والكتابة المساءلة التي لا وجود فيها للتفاوت التراتبي؛ فإذا شئت توجيه الناس سر وراءهم، واعتن بهمومهم وغمومهم، وانس مصلحتك في سبيلهم، وكذا نحلم ولو بعد سنين.

الصورة أبعاد تلتقي وتتقي.

Ibrturkia@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد