|
|
الكارثة التي نتجت عن سيول جدة لم تكن كما أوضحت وزارة المالية في صحيفة (الوطن) الثلاثاء الماضي (بالأرقام) بسبب نقص الاعتمادات المالية لمشروعات الصرف الصحي وتصريف السيول في جدة، لقد أبانت الوزارة: أن مدينة جدة اعتمد لها في الصرف الصحي أكثر مما اعتمد للرياض وهو الأكبر مساحة والأكثر سكاناً، حيث اعتمد لمشاريع الصرف الصحي بها ما يزيد على (9) مليارات، وفي تصريف السيول ما يزيد على مليارين و200 مليون وهو أعلى رقم تم صرفه في المملكة..
|
لكن أين ذهبت هذه الاعتمادات.. المشكلة كما قالت الوزارة تكمن في (سد مجاري السيول) وعندها لا تنفع اعتمادات ولا أي تصريف للسيول وأضيف - من عندي - سبباً مهماً وهو (سعة الذمم) وبقية الأرقام المعتمدة إذا ما فعّلت بعد إجراءات التحقيق والمحاسبة التي نص عليها الأمر الملكي الكبير تغطي المشاريع المعتمدة التي تم انتهاؤها والتي تحت التنفيذ 95% من شبكة الصرف الصحي في جدة كما أوضحت وزارة المياه.
|
وبعد إن الأهم الفسوحات والتخطيط وعدم الاعتداءات أو البناء في بطون الأودية التي هي ملك للسيول، بحيث تأخذ حقها في مجاريها الطبيعية بإذن الله وإلا عندها لن تجدي أي مشروعات تصريف سيول. وزبدة القول: القربة المخروقة مهما وضعت فيها من ماء فسيضيع الماء فلتحكم القربة أولا.
|
|
سأل أحد الولاة الذين عزلهم الخليفة عبدالملك بن مروان: لم عزلتني يا خليفة المسلمين؟ فأجابه الخليفة عبدالملك بهذا الجواب البالغ الواقعية والاختزال: (شكروك فولَّيناك، وشكوك فعزلناك)!.
|
من أراد أن يبقى على كرسيه فليجعل الناس يشكرونه ولا يشكونه.
|
ما أصعبه من هدف يتطلب العدل والنزاهة والإخلاص.
|
إن المنصب كما له غنمه فإن له غرمه، ولكن أكثر الناس لايدركون!.
|
|
لا أتذكر ذلك الكاتب الكريم الذي قال وهو يتحدث عن آثار الكارثة على شوارع جدة وأنفاقها: (إن المطر هو أوثق لجنة استلام وتسليم للمشاريع).. المطر لا يواري ولا يجامل ولا يخفي، فهو يكشف العيوب ويرفض الرشاوى ولا يبدي إلا حقيقة المشروع إن كان سليماً أو معيباً.
|
|
من أبلغ وأصدق ما قرأت هذا التوصيف لمأساة جدة لكاتبة مبدعة هي إحدى عاشقات جدة وبناتها أ / مرام مكاوي:-
|
(جدة عروس ظلت تبكي بصمت عقوداً طوالاً.. ولما صارت الدموع غزيرة غرقت العروس في دموعها.. لكنها لن تموت.. سينقذها أهلها الطيبون وعشاقها الكثيرون ومعهم كل المخلصين) - أزال الله كربة جدة ولطف بأبنائها وعشاقها، وأعاد لها حيويتها وجمالها لتكون جدة بكسر الجيم (الجديدة) وليس جدة العجوز بفتح جيمها.
|
|
لم يخفف من كارثة جدة إلا هذا الحراك الكبير نحو إصلاح ومكافحة الفساد ومحاسبة المخطئ. هذه (المفردات) التي كانت مضمون الأمر الملكي التاريخي الذي صدر إثر حادثة جدة، والذي نص على تشكيل لجنة تحقق وتحقيق في أسباب الكارثة وتداعياتها ذات مهام ست محددة ومحيطة بكل جوانب المأساة وآثارها الآنية والمستقبلية. الآن لا معنى للكلام أو الكتابة بعد تشكيل هذه اللجنة التي يتابع سكان جدة وكافة سكان المملكة اجتماعاتها ويترقب رفع نتائجها إلى خادم الحرمين.
|
|
لشاعر جدة الراحل حمزة شحاتة من قصيدته البليغة عن جدة التي كان (النهى غريقا بين شاطئيها) عندما كانت عروساً تُهدي السحر والجمال وليست عجوزاً تضج بالشيخوخة والإهمال:
|
(أنت دنياً رفَّافة بمنى الروح |
وكونٌ بالمعجزات نطوق |
(جِدَّتي) أنت عالم الشعر والفتنة |
يُروى مشاعري ويروق |
ايه يا فتنة الحياة لصبٍّ |
عهده في هواك عهد وثيق!) |
فاكس 4565576 |
|