Al Jazirah NewsPaper Thursday  17/12/2009 G Issue 13594
الخميس 30 ذو الحجة 1430   العدد  13594

حمداً لله وهنيئاً لنا بعودة سلطان الخير
سموه من رجالات الدولة المخلصين التمس فيه والده النجابة من صغره فعينه أميراً للرياض عام 1366هـ

 

نحمد الله تعالى على أن مَنَّ على الجميع بعودة الوالد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام - حفظه الله - بعد رحلته العلاجية، والتهنئة للجميع وليست لسموه خاصة، فسموه (سلطان القلوب) الذي نزل في سويداء الأفئدة، ولذا فإننا بعد حمد الله تعالى نهنئ أنفسنا بهذا العود الحميد، وبنا من السعادة والفرح الشيء الكثير.

وإذا كان الجميع يترقبون عودة سموه خلال رحلته العلاجية، فإن يوم الجمعة 24-12-1430هـ، يوم كان بطيئاً وغير عادي على أبناء المملكة. فقبيل مقدم سموه بسويعات، والكل يترقب وينظر إلى ساعته بانتظار العودة الميمونة. وما أن أطل سموه ووطئت قدماه أرض الوطن، وهمّ بمعانقة الوالد القائد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - حتى اختلطت دموع الفرح لدى أبناء المملكة ومحبيها من أبناء العالم العربي والإسلامي، نعم إنها دموع الفرح الصادقة التي لا يمكن حبسها في مثل هذه المواقف، وقد سبقها قبل ذلك الدعاء والتضرع إلى الله بعودة سموه سالماً معافى، والحمد لله الذي استجاب لدعوات المحبين.

وإذا كانت علامات الفرح قد ارتسمت على محيا الجميع، وظهرت على وجوههم، فإنها منبعثة قبل ذلك من الفؤاد، ولا أقول: إن هذا الفرح يجسد مشاعر المحبة، بل هو أعمق من ذلك، فسلطان بن عبدالعزيز وأخوه خادم الحرمين الشريفين - حفظهما الله - هما كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد، وهذا الأمر يدخل في باب التلاحم والترابط.

لقد ابتهج الوطن ذلك المساء شيبه وشبابه، رجاله ونساؤه، وكل من عليه من مواطن أو مقيم، كيف لا وسلطان بن عبدالعزيز رجل يداه تفيضان بالخير، لم يقف بذلك عند حدود الزمان أو المكان، بل كان دائماً وأبداً (هتان خير) أينما حل نفع. ولقد تعددت صور البهجة والفرحة في جميع مدن المملكة شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، ولقد أدار الجميع، ليس في المملكة وحدها فحسب، بل في عدد من البلدان، مؤشر التلفزيون على القنوات السعودية قبل موعد الوصول، كي يستبشروا برؤية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ويهنئوا برؤيته، بعد أن كانوا يعدون ساعات الليالي والأيام من سفر سموه للعلاج.

لقد كانت أيادي سلطان بن عبدالعزيز هي البانية برئاسة سموه لعدد من الوزارات منذ ما يقرب من الستين عاماً، ورئاسة العديد من المجالس العليا للتعليم، والشؤون الإسلامية، والإصلاح الإداري، إلى جانب توليه لوزارة الدفاع والطيران لما يزيد عن الخمسين عاماً، واضطلع بالعديد من المهام والمسؤوليات منذ سن الشباب، ولا يزال - متعه الله بالصحة والعافية - الساعد الأيمن، والعضد الأول لأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. ولقد كان سموه كما هيأه وتوقع له والده المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله - عند حسن الظن، فقد كلفه في سن مبكرة بإمارة الرياض في 1-4-1366هـ، وما أن تسنم هذه المسؤولية حتى شرع في تنفيذ مشروعات للمياه والكهرباء، التي لم تشهدها الرياض قبل ذلك، وكان متابعاً لأعمال هذين المشروعين بنفسه، ثم تولى مهام وزارة الزراعة، ثم وزارة المواصلات، ثم في وزارة الدفاع والطيران، وتحديداً في 3-6-1382هـ.

وسلطان بن عبدالعزيز رجل قيادي، أكدت ذلك المنجزات والأعمال التي تسنمها، والمشروعات التي أشرف عليها ورعاها كفكرة، ثم تحولت إلى حقيقة وواقع ملموس يجني ثماره الوطن، وتعززه شهادات الذين تشرفوا بالعمل تحت توجيهات سموه، ومن ذلك ما قاله أحد المسؤولين عن سموه بأنه مدرسة في القيادة، وشخصية إدارية متميزة، تمتلك صفة الحزم، والقدرة على حسم الأمور، مع شمولية النظرة لأي قضية تطرح عليه، فهو يملك كنزاً كبيراً من الخبرات، وهو رجل يعمل بلا كلل في خدمة الدين والوطن والمواطن، وهو يتمتع بابتسامة وضيئة في كل أعماله، ويواجه الشدائد بهذه الابتسامة، وحباه الله - عز وجل - حل المشكلات بهذا الهدوء الذي يتمتع به.

وإذا كان سلطان بن عبدالعزيز أحد رجالات الدولة والبناء والنهضة في بلادنا، بمشاركته في القرار كمسؤول، فإن مسؤولياته المباشرة عن بعض المشروعات تؤكد بُعد نظر سموه، ورؤيته الاستشراقية للمستقبل، بتبنى سموه لمجموعة من البرامج الإستراتيجية التي سوف تنعكس على الوطن بالخير - بإذن الله، ومن ذلك سعيه لتوطين التكنولوجيا عبر شركة السلام للطائرات، والمشروع الجبار لصيانة الطائرات، وهو المشروع الذي يدار بأيدٍ سعودية مدربة تدريباً عالياً، وجعل من هذا المشروع مقصداً للعديد من شركات الطيران لصيانة طائراتها، وكذلك برنامج التوازن الاقتصادي، والبرنامج السعودي للخزن الإستراتيجي.. وأما المنجزات التي شهدتها وزارة الدفاع والطيران، فهي صروح متميزة من التطور والنماء من أساس بسيط إلى صروح شامخة في القطاعات العسكرية جميعاً وبلا استثناء، في القوات الجوية والبرية والبحرية والدفاع الجوي، والقطاعات المساندة لها، وكانت بالفعل منجزات لافتة. ولم يقتصر دور الوزارة على الجوانب العسكرية في تدريب وتأهيل أبناء الوطن للذود عنه، بل شمل ذلك برامج إنسانية ومجتمعية من خلال إنشاء العديد من المستشفيات العسكرية الرائدة في تخصصاتها الطبية المشهود لها بالريادة والتفوق، وكذلك إنشاء المدن العسكرية، والتي لم تكن حاميات عسكرية كما ذكر سموه في إحدى المناسبات، بل كانت - ولا تزال - مدناً للعلم، والتربية، والصحة، والبناء.

وإذا كانت أيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز البانية كرجل من رجالات الدولة، فهي أيضاً أيدٍ حانية راعية للخير، ولم يأل سموه جهداً في البذل والعطاء للفقراء، والمحتاجين، والمرضى، والمعوزين، حينما رعى الأيتام والأرامل، ودعم مشروعات التعليم والصحة والأوقاف في داخل المملكة وخارجها. ولو لم يكن هناك سوى مشروع مدينة الأمير سلطان الطبية الإنساني لكفى، ولكن هذا المشروع الطبي الخيري العظيم ليس هو أول المشروعات، وليس هو آخرها، وإنما هو واسطة العقد لمشروعات سابقة ولاحقة -بإذن الله. فقد أسس سموه هذا الصرح الطبي العظيم ليلبي احتياجات بعض المرضى ممن يتطلبون رعاية طبية خاصة، إلى جانب تبني سموه ودعمه للعديد من الجامعات والكليات الأهلية، ودعمها وإقامته للمراكز البحثية والعلمية. وفي الجوانب الثقافية كان مشروع الموسوعة العربية العالمية التي تفضل سموه مشكوراً، وكعادته في مشروعات الخير، بتبني وتمويل هذه الموسوعة، فسدت نقصاً كبيراً كان العالم العربي الإسلامي بحاجة إليه، ثم أتبع ذلك بموسوعتين أخريين هما: الموسوعة التاريخية للملك عبدالعزيز آل سعود في الوثائق الأجنبية، والأخرى عن الثقافة التقليدية في المملكة العربية السعودية.

ولقد كان سموه دائماً وأبداً الرائد للمشروعات الخيرية، فاستحق العديد من الجوائز العالمية والإقليمية المتميزة في العمل الخيري والإنساني، وقبل ذلك كله رضا الله تعالى، ثم رضا الخلق.

لقد تبنى سموه العديد من المشروعات الخيرية العامة، من إسكان وبناء وصحة وتعليم وثقافة، وبناء للمساجد والمراكز الإسلامية، وكراسي الدراسات الإسلامية، إلى جانب البذل الشخصي للنواحي الفردية، فكم سد من حاجة لمعتاز، وأعتق رقاباً وأنقذها من القصاص، وبلسم جراحات المرضى والمصابين بتبني علاجهم، وكفل الأيتام، وأغاث الملهوف، وأطعم الجائعين، وهذا وصف المؤمنين بالله الصادقين.

نعم هذا هو سلطان بن عبدالعزيز، مهما حاولنا أن نذكر ولو بصورة موجزة عن منجزاته وأعماله وأياديه الحانية البانية، فلن نستطيع، ولكنها إلمامات لما استوجب به سموه امتلاك قلوب الناس ومجتمعهم لسموه، والدعوات المتواصلة له من الجميع بأن يبقيه الله دائماً وأبداً ذخراً لجميع المسلمين في أقطار العالم وسنداً للضعيف والمحتاج، ورجلاً مخلصاً لدينه ووطنه. فهنيئاً لنا بعودة سلطان، وحمداً لله على سلامته.

وقفة من قصيدة للشاعر عبدالمجيد العُمري:

أبا خالد فاهنأ بكل محبة

ستبقى مدى الأيام سلطان حبنا

فدم يا سليل المجد للخير موئلاً

تهاني من ابن مدين بحبكم

وندعو لكم طول السلامة والهنا

أبا خالد دمتم بخير وصحة

وأبقاك رب البيت للخير رافداً

إليك ولي العهد أهدي قصيدتي

لمثلك ينساب القصيد ترنماً

فحبك موفور ومدك أنجعُ

بكل صباح يستهل ويطلعُ

بما أنت تسديه وما أنت تزرعُ

وحبك في كل القلوب موزعُ

دعاء إلى المولى به نتضرعُ

وخيرك موصول وذكرك أرفعُ

وتبقى مناراً للجميل وتتبعُ

بعود ومسك عطرها يتضوعُ

وإن بك الأبيات تزهو وتسطعُ

alomari 1420 @ yahoo. com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد