Al Jazirah NewsPaper Thursday  17/12/2009 G Issue 13594
الخميس 30 ذو الحجة 1430   العدد  13594

قلائد الجمان في مقال عَوْد الأمير سلطان
د. إبراهيم بن علي بن ولي الحكمي *

 

الحمدُ الله، والصلاةُ والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فهذا ما تَيَسَّر من قلائد الجُمَان في المقال الذي ألقاه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد -حفظه الله وسَلَّمه- بمناسبة عودته إلى أرض الوطن المملكة العربية السعودية - حرسها الله -.

فقد بدأ -حفظه الله - مقاله: ب

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

قُلْتُ: (وهو خير ما يبدأ به الكلام، وقد ابتدأ الله بها كتابه، واشتملت على اسم الله العظيم (الله) الذي ما ذكر اسمه في قليل إلا كَثَّره، ولا عند خوفٍ إلا أزاله، ولا عند كَرْبٍ إلا كَشَفَهُ، ولا عند همٍّ وغَمٍّ إلا فرَّجه، وهو الاسم الذي تُكشف به الكُرُبات، وتُستنزل به البركات، وتُجاب به الدعوات، وتُقال به العثرات، وتُستدفع به السيئات، وتُستجلب به الحسنات).

قال -حفظه الله وسلَّمه- (الحمد لله حمد الشاكرين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين خير من ابتلي فصبرَ، وأكرم من أعطي فشكر).

أيها الإخوة والأخوات:

أعود إلى أرض الوطن وقد منَّ الله عليّ بالصحة والعافية، وأسبغ عليَّ نعمهُ ظاهرة وباطنه (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)، وأحتسب عنده ما ألم بي من تعب ومرض).

قُلْتُ: هنيئاً لك أبا خالد هذا العَود الأحمد والاحتساب والصبر صدقتَ، وصدق من قال:

إذا كان شكري نعمة الله نعمة

عليَّ له في مثلها يجب الشكرُ

فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله

وإن طالت الأيام واتصل العمرُ

إذا عَمَّ بالسَّراء عَمَّ سُرورها

وإنْ خَصَّ بالضراء أعقبها الأجرُ

وأَبْشر أيها الأمير المُحتسب بقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّار (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)}، وبما أخرجه مسلم من حديث صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابه سراء فشكر الله فله أجر، وإن أصابته ضراء فصبر فله أجر، فكل قضاء الله للمسلم خير)، وفي رواية لأحمد (فالمؤمن يؤجر في كل أمره).

وبما روي عن أنسٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم...) رواه ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن.

وفي مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من أحد من الناس يصاب بالبلاء في جسده إلا أمر الله عز وجل الملائكة الذين يحفظونه، فقال: اكتبوا لعبدي كل يوم وليلة ما كان يعمل من خير ما كان في وثاقي).

وقال الحسن: (الصبر كنز من كنوز الخير، لا يعطيه الله إلا لعبد كريم عنده).

إليك المشتكى لا منك ربي

وأنتَ لنائبات الدهر حسبي

تُروي غلتي وترم حالي

وتؤمن روعتي وتزيل كربي

قال حفظه الله: (وإني لأشعر بالغبطة والسعادة، وتغمرني البهجة وأنا ألتقي مليكي المفدى، وأبناء الشعب السعودي الوفي).

قُلْتُ: وهم يشعرون بالغبطة والسعادة، والبهجة والحبور كعادتهم في الوفاء والحب والإخاء، يتقدمهم:

ملكٌ كأنَّ الشمسَ فوقَ جبينه

متهللُ الإمساءِ والإصباحِ

فإذا حللتَ ببابه وفنائه

فانزل بسعدٍ وارتحلْ بنجاحِ

قال -حفظه الله- (كما أهنئ بلادنا والمسلمين كافة على نجاح موسم حج هذا العام، الذي تحقق بتوفيق من الله، ثم بمتابعة من لدن سيدي خادم الحرمين الشريفين، وسمو النائب الثاني الأمير نايف بن عبد العزيز، رئيس لجنة الحج العليا، وجميع الأجهزة التنفيذية التي شاركت في هذا الموسم).

قُلْتُ: ونحن نهنئ أنفسنا جميعاً بتوفيق الله وعونه على ما منَّ الله به على هذه الدولة -وفَّقها الله- من جهود في خدمة الحرمين تذكر فتشكر، من رجال مخلصين، وشبابٍ عاملين وحُرَّاس أمن ساهرين، يتقدمهم من شَرُف بلقب خادم الحرمين الشريفين، ورجل الأمن الأول النائب الثاني الأمين.

قال -حفظه الله-: (أيها الإخوة والأخوات: إن هذا المقام يُملي عليّ أن أتقدم بأخلص المشاعر وأصدقها إلى سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي غمرني بلطفه، وخفَفَّ معاناتي بكريم متابعته، وشرف زيارته، وكان دائم السؤال عذب الكلمات، صادق الدعوات، فأسأل الله - جلت قدرته - أن يجزيه خير الجزاء، وأن يهبه دوام الصحة إنه سميع مجيب الدعاء).

قُلْتُ: هنيئاً لك بأخيك وملكك:

بنفسي أخ نفسه أُمَّةٌ

وتدبيره في الوغى فيلقُ

أخٌ باب إحسانه مطلقٌ

وباب إساءته مغلقُ

كريمُ السجايا فلا رأيه

بهيمٌ ولا خلقه أبلقُ

أبا متعبٍ قوى ناظري

فكيف إذا غبتَ لا أقلقُ

رهنتكَ قلبي وحكم القلوبِ

إذا رُهنت أنها تغلقُ

قال - حفظه الله -: (ولقد أحاطني أصحاب السمو الأمراء وأصحاب الفضيلة العلماء والمعالي الوزراء والمواطنون والمواطنات بمشاعرهم الطيبة، ودعواتهم الصادقة، وأمنياتهم المخلصة، مما كان له الأثر الكبير في نفسي... وفي الختام، إذ أشكر كل من سأل، وكل من بادر واتصل، فإني -والله يشهد- ألمس فيض مشاعركم الصادقة، وأقدر لكم هذا الحب الذي أبادلكم بمثله، وسعادتي تتضاعف عندما أسمع أن ما تم رصده لإعلان أو احتفال أو غيره قد أنفق لوجه الله تعالى فيما ينفع المحتاجين والمعوزين، أو ما ينفع الوطن والمواطنين على المدى القريب والبعيد).

قُلْتُ: هذا بعض ما قدَّمته يا سمو النائب الثاني سلطان الخير والجود والعطاء، قدَّمت البسمة الصادقة، ووصلت الصديق، وواسيت الأيتام، وأطعمت الطعام، ووصلت الأرحام، بنيت للعبادة مساجد، وللعلم منائر، ووقرت العلماء، وكافأت الحكماء، وآويت الفقراء، وبنيت صروحاً طبية، ومساكن خيرية، وشفعت في الرقاب بجاهك تارة، وبذلت من مالك تارة، فترجمه الناس حباً ودعاء وسؤالاً، وأضحى الخير وعمله فيك عادة حتى وأنت تكرم من محبيك، وجَّهتهم -حفظكم الله- أن يكون ما قدموه من صور الترحيب ومظاهر الاحتفال للمحتاجين أو المعوزين أو لما ينفع الوطن والمواطن.

المجد عوفي إذ عوفيتَ والكرم

وزال عنك إلى أعدائك الألم

وما أخصك في برءٍ بتهنئةٍ

إذا سلمت فكل الناس قد سلموا

قال -حفظه الله- (أيها الإخوة والأخوات:

لقد آلمتنا أشد الألم الأحداث المأساوية التي تعرضت لها محافظة جدة... وإصدار الأمر الملكي بالتعويض الكريم لذوي الشهداء لتخفيف وقع هذه الفاجعة وبتشكيل لجنة للتحقيق وتقصي الحقائق في أسبابها وتحديد المسؤولية فيها والمسؤولين عنها، وإنني على يقين أنه لن يهنأ له بال -يحفظه الله- حتى يتم وضع الحلول الجذرية التي تضمن - بحول الله - عدم تكرار مثل هذه الأحداث).

قُلْتُ: لم تنس -حفظك الله- الوطن والمواطنين مع انشغالك وسفرك، ولم تنس تلك المأساة العظيمة والفاجعة المؤلمة والتي خفَّفَّت وطأتها -بعد لطف الله- يد الملك الحانية على المنكوبين والشهداء بتعويضهم ومواساتهم، ويد العدل الحازمة بالتحقيق ومحاسبة المقصرين والمتاجرين بأرواح المواطنين أمام مكاسب عاجلة أو تقصير في المسؤولية، وإقرار ميثاق سيعم نفعه مدن المملكة الحبية ويمنع تكرار هذه الفجائع بكل حزم ومحاسبة، وأن المواطن وراحته وسعادته هي سعادةٌ وراحةٌ للحاكم في الدنيا والآخرة.

قال -حفظه الله-: (كما لا يفوتني أن أخص بالشكر أخي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض الذي لازمني طيلة فترة علاجي خارج المملكة فله الشكر والعرفان).

قُلْتُ: شكر الله لأبي فهد صاحب السمو الملكي سلمان بن عبد العزيز شيخ الرياض عاصمة المجد وأميرها صدق أخوته، والديار كما فرحت بقدوم الأمير المحبوب سلطان، فقد تراقصت طرباً بعودة أمير الوفاء سلمان. ونحن في مجلس الإدارة الجديد للجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه (تبيان) في شوق إلى رئيسنا الشرفي لنستمع إلى توجيهه، ونفيد من خبرته.

وفي الختام: مرحباً بالأمير سلطان ابن السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود:

هديتي تقصر عن همتي

وهمتي تعلو على مالي

فخالص الود ومحض الهوى

أحسن ما يهديه أمثالي

* عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام

عضو مجلس إدارة جمعية (تبيان)


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد