Al Jazirah NewsPaper Thursday  17/12/2009 G Issue 13594
الخميس 30 ذو الحجة 1430   العدد  13594

هذرلوجيا
نجد وسلمان
سليمان الفليح

 

لقد تغنى الشعراء بنجد منذ الجاهلية حتى اليوم ومنحوها عشقهم الأزلي وحبهم الممضّ وحنينهم القاتل وتوقهم المستعر وشوقهم اللاهب بالرغم من أنها - آنذاك- مجرد بيداء بلقع - وصحاصح تقتل الطير من الظمأ، وكثبان تذروها الرياح في كل مهب - إلا إذا - هبت (رياح الصبا) التي اختص بها الله نجد دون سائر البقاع - وبالرغم من أن تلك النسمات المختلسة من زفير الهبوب وشهيق الصحراء، كان لها السحر الأخاذ على روح ذلك - المخلوق الشفاف لتحيل تلك الروح إلى قطعة من الحرير الأبيض الهفهاف المطرز بالتماع النجوم تحت سماء الله الممتدة إلى ما لا يحد من أرجاء الخليقة، لذلك كانت تلك الأنسام العذاب (تفلتر) الروح فتجلى بالصفاء المذهل الذي يبعث على التغني والغناء، ثم ماذا تبلك الفيافي القصية غير اليباب والجوع والنخلة والجمل وقمر يتدحرج نحو الأعلى حتى يتوسط السماء.

إذن هكذا هي نجد إن لم يرزقها الله بالوبل و(الحيا) وانهمار الديم لتبتسم فيها الفياض والرياض وترتدي ثوبها الأخضر المطرز بأروع الأزاهير لتخطو بدلالها العجيب كفتاة بدوية رائعة الجمال تمارس دلالها الأنيق.

أقول هذه نجد قديماً بأسوأ وأروع حالاتها المتقلبة (المؤلمة - الفاتنة) وهي ذات الحال التي عشقها بها الرجال من الشعراء والمولهين الذين طالما دحرجوا قلوبهم على عرارها العابق النفاذ وبذات الوقت دحرجوها فوق كثبانها العصية الجرداء لتلتقطها فتيات يلتقطن الرمث والأرطى وقلوب العشاق في فجاج البراري ليعدن بها إلى المضارب السوداء ويلقينها للنار مثلما يلقين الحطب.

بالطبع قد يقول قائل وهل تستحق أرض - هكذا - كل هذا الهيام، وبالطبع نقول نعم - أليست هي مدارج الصبا؟ وأم الأسلاف وموئل العرب ومبعث الحب الغامض في قلوب الرجال - إذن لهذا يعشقها الرجال، إلا أن الغريب في هذه ال(نجد) أنها تحب الرجال منذ أن كوَّنها الخالق فوق ظهر البسيطة، لذا ماذا نقول اليوم عن تلك البيداء والتي أصبحت اليوم سيدة الأمكنة إذ قامت على ذات الرمال عاصمة الجمال والرجال مدينة الرياض والتي استطاعت بزمن قياسي أن تشد إليها أنظار أغلب سكان الكرة الأرضية لما حباها الله من مجد جديد أضافه لها عاشقها الكبير سلمان بن عبدالعزيز - الذي جعل منها قلادة مرصعة بأثمن اللآلئ والجواهر والحلي لتصبح حقاً مليكة الصحراء لذلك حملها بقلبه الشاسع أينما ذهب وهي حملته بقلبها العظيم إلى أبد الآبدين ولمَ لا، وهو المشغول منذ نصف قرن بضاعة مجدها التليد حتى طاول ذلك المجد عنان السماء - لذلك زحزح سلمان قمر السماء قليلاً ليتربع في فضائها الرحيب كقمر ثان يمدها بالنور والائتلاق ومتابعة لبناتها الصلدة لبنة لبنة لتعانقه في السمو والشموخ وحتى تصل إليه ليضمها إلى صدره ك(أغلى) حبيبه في الوجود ليجسد عشق الرجال للمجد والخلود، وهو وإن غاب عنها طويلاً ليسهر على رمز عظيم لهذا الوطن مثلما سهر من أجلها طويلاً فلأنه قد أثبت للإنسانية جمعاء كيف يكون الوفاء والولاء والإيثار حينما يتعلق الأمر بشقيقه سلطان الذي يجسد كل معاني الإنسانية والنبل والعطاء لذلك يحق لنا أن نقول:

(يحق لك يا نجد إنك تخطّين

وتمختري بالمجد بأزهى لباسك

جاك الذي أعطاك من ثان تعطين

هذا الوطن خير الجنا من غراسك

(سلمانك) اللي في فؤاده تحطين

ويسبق حماسه لازدهارك حماسك)


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد