في إحدى الندوات الفكرية جرى الحديث عن دور الشباب العربي في النهوض بأمتهم العربية والإسلامية التي تواجه مختلف التحديات المعاصرة التي جعلتها في ذيل قائمة الأمم في مجالات العلم والتقدم والإبداع! بل حتى من ناحية الفكر السياسي والاستعداد العسكري فهي واقفة في مكانها، فليس هناك عند دول هذه المنطقة نظرة مستقبلية لما ستكون عليه الأيام والأحداث التي تقودنا إلى المجهول!
والحقيقة أن الندوات كانت ناجحة على الرغم مما صاحبها من نقد ذاتي واستفزازات موجعة للجميع إلى الفرد والمجتمع بكل فئاته في كل بلد عربي.
وفي نهاية هذه الندوة وقف أحد المثقفين وعلَّق على ما طُرح فيها من آراء وأفكار.. وكان مما جاء في كلمته القصيرة عبارة غامضة حمّالة أوجه قال: نحن العرب حملان الربيع.. فابتسم بعض الحضور لهذه العبارة.. وتجهم بعضهم الآخر ممن فهم معناها ومغزاها!!
سألني الجالس بجانبي: هل نحن حملان الربيع فعلاً؟.. وهل هذه العبارة مديح أم شتيمة؟ قلت: ما رأيك أنت؟ قال: أرى أنها شتيمة فهو يصفنا بالحملان الجاهلة البلهاء التي تركض وتمرح في الحقول وعلى تخوم التلال دون أن تفكر في أي شيء غير ملء البطون!.. وهي من غير شك غير واعية لما يُدبر لها بالليل.. وما يحيط بها من أخطار.. ولما ينتظرها من عدوان الذئاب عليها والتربص لافتراسها، وإذا كان كذلك فكيف العبور من شدق الذئب وتجاوز هذه المخاطر؟ إن الأمم لا تخفي أطماعها فيكم!! قلت لتهدئته: هوِّن عليك.. لماذا لا تحمل هذه العبارة على محمل آخر فيه الكثير من حسن النية والطيبة..!!
ثم ما يدريك أنه أراد بوصف شباب العرب بأنهم حملان الربيع.. أي أنهم في صحة وعافية وأنهم يعيشون في بحبوحة من العيش الرغيد!
قال بشيء من اللوم والعتب: (أنا أعرفك جيداً ولا أظن أنك تؤمن بهذا التفسير، أو تقبل بأن يوصف شبابنا بأنهم حملان الربيع.. لم أجبه فأشاح عني بوجهه وهجرني فترة طويلة وحين تقابلنا في مناسبة أخرى نظر إليَّ نفس النظرة اللائمة العاتبة ثم قال بمرارة: هل لا نزال نحن العرب حملان الربيع؟!
قلت: خذ مثالاً واحداً لما يجري على الساحة اللبنانية.. انظر إلى الأفعال من حولنا وإلى ردود أفعالها الصادرة عنا، لقد هزمتنا الأحلاف الصغيرة..!!
لم نفعل أي شيء يذكر لردع من تمرد على طاعة البيت العربي.. ثم اقرأ تصريحات من يعتقد أنه (النبيه) الذكي الذي لا يُجارى في سياسته ودبلوماسيته وحيله المتلونة، وهو ينثرها من جرابه الحاوي للعشرات منها التي يظن أنه يستطيع بها أن يضحك على كل جهابذة السياسة ودواوين الساسة في الدول العربية مجتمعة، إنه يطلق درره وأفكاره النادرة وهو جالس تحت (شجرته) في محاولات يائسة لخدمة من يحركونه من (إيوان كسرى)
بتلك الخيوط الواهية، ويردد: الحوار.. الحوار، في محاولة جديدة لكسب الوقت والالتفاف على مصلحة وطنه وهو يستعد مع الحلفاء لإشعال حرب جديدة (تنيخ) دول بلاده وتسلمها إلى كل طامع فيها.. أليس هذا مثالاً بأن العرب حملان الربيع فعلاً؟!