تأثرتْ كثيراً مريم بفقدان ابنة عمها (صباح) - رحمها الله - كما تأثرنا وتأثر الكثير، وقد كانت معها في نفس الحادثة حين كانتا عائدتين من جامعة الحكمة
|
|
أقلّي دُمُوعَ الأسى مَرْيَمُ |
فليسَ من الموتِ مَنْ يَسلَمُ |
ولو يَسْتَرِدُّ (صباحَ) البُكَا |
لفاضَ من المقْلَتَيْنِ الدَّمُ |
مَضَتْ غضَّة كانبلاجِ السَّنَا |
ضَحُوكٌ وأطيارُها حُوَّمُ |
لها في الجِنَان قُصورُ المُنَى |
حَبَاهَا بها الخالقُ الأكرمُ |
تلألأ ياقوتُ جُدرانِها |
وصرحُ زُمُردِها أفخَمُ |
تنقَّلُ مُتْرفةً بالرِّضا |
وتَرْفُلُ في روضِها تَنْعَمُ |
وتلبسُ من سُنْدس أخضر |
وإستبرق بالسَّنا يُوسَمُ |
تَرُودُ أفانينَ تلك الرُّبَى |
وثَغْرُ الرَّبيع لها يَبْسمُ |
تدانَى إليها قِطافُ الجَنَى |
بما تشتهيه وما تحلُمُ |
يُوشْوشُها الوردُ أنَّى غَدتْ |
ويشدُو لها البُلبُلُ الملهَمُ |
تُحلَّى أساورَ من عَسجد |
وتَضوي على جِيْدِها الأنْجُمُ |
أقلّي التَّوجُّدَ يا مَريمُ |
وإنْ كانَ للوجدِ ما يُرْغِمُ |
لقد كنتِ سَلوى لأيَّامِها |
وكانت، وحبُّكُما أعظمُ |
ولكنَّهُ البَيْنُ كم فرَّقَتْ |
أياديه خِلَّيْنِ كم يَحرِمُ |
أصابَكُمَا الحاسدُ المُجْرمُ |
وعَيْنُ الحَسُودِ لها مَغْرمُ |
تَصبَّرتِ يا فَجْرَ عُمْرِ الصِّبَى |
وأجْرُ الصَّبُورِ هو المغْنمُ |
نفَضْتِ غُبارَ العنا في المدَى |
وعزْمُكِ ما كان يستسلمُ |
وأشرقتِ كالشمس في خِدْرها |
تُنيرُ السَّوادَ الذي يُظلِمُ |
أشيحي عن الحُزْنِ ولتأمَنِي |
شُرورَ الحياةِ وما يُؤلمُ |
ذَرِيها فلو أنَّها أسعدتْ |
لما كانَ في الناسِ مَنْ ينقِمُ |
وكيف يكونُ سرورٌ بها |
وللموتِ فيها يدٌ تَهدِمُ |
أريحي فؤادَكِ عن هَمِّها |
فمن أشغلته بها يَنْدَمُ |
تسلّي بأزهارها والشَّذَى |
وبالغَيمِ أنداؤهُ زَمْزَمُ |
وعيشي الجَمَالَ وأسرارَهُ |
بعينَيْكِ آثارُهُ تُرسَمُ |
تداعَى الزَّمانُ على جهلِهِ |
وقد راحَ يُغْرَى به المُعْدَمُ |
ومن عرفَ البدءَ والمُنتهى |
إلى اللهِ يرنو ويسترحِمُ |
وإنَّ الفطانةَ نَهْيُ الهَوى |
بدهرٍ هو الصَّابُ والعَلْقَمُ |
فلا تُجهدي النَّفسَ إلا بما |
تطيقُ، فكم مُجْهَدٍ يَسْقَمُ |
غَشَتْكِ النَّسائِمُ هَيْمَانَةً |
ومن شاقَهُ الحُبُّ لا يَسأمُ |
أقلّي التياعَكِ واستقبلي |
حياتَكِ بالخيرِ يا مَرْيَمُ |
عبدالله محمد باشراحيل |
|